الطلبات، وربما تزايد وجد المحب، وهاج الحنين وباح الأنين، وتحركت المواجيد، وتغير اللون، واستبسلت الجوارح، وفتر البدن واقشعر الجلد، وربما صاح، وربما بكى، وربما شهق وربما وله وربما سقط، ولسيدى محمد وفا:
إذا أباح دم المهجور هاجره ... باح المحب بما تخفى ضمائره
أيكتم الحب صب باح مدمعه ... لما جرى بالذى تخفى سرائره
كأنما قلبه أجفان مقلته ... ودمعه فى أماقيه خواطره
يا جيرة الجزع هل من جيرة لفتى ... عليه فى حكمه قد جار جائره
آه وكم لى على خطب الهوى خطب ... من الغرام به تعلو منابره
مهفهف أبلج بدر على غصن ... تخفى البدور إذا لاحت بوادره
مطرز الخد بالريحان فى ضرج ... مورد آسه تزهو أزاهره
مكحل الخلق ما تحصى خصائصه ... منضر الحسن قد قلت نظائره
وربما زاد الوجد على المحب فقتله. أول نقد أثمان المحبة بذل الروح، فما للمفلس الجبان وسومها؟! بدم المحب يباع وصلهم، تالله ما هزلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فينفقها بالنسيئة المعسرون، لقد أسيمت للعرض فى سوق من يزيد، فلم يرض لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطالون وقام المحبون ينظرون أيهم يصلح أن يكون ثمنا فدارت السلعة بينهم ووقعت فى يد أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ «١» .
فذكره- صلى الله عليه وسلم- جلاء قلوبنا، وشفاء صدورنا، وحلاوة ألسنتنا فى جميع الحالات، على اختلاف الأوقات والساعات، يتشرّف بذكره فى جميع العبادات، وفى الجمع والجماعات، والخطب والصلوات، وسائر التقلبات والتصرفات، حتى فى المعاطاة والمبايعات، وعقود المصالحات، واستفتاح المعاقدات والمعاهدات، وخصوصا عند الأذكار والدعوات، فإن بها ولوجها فى أبواب الإجابات.