يسميهم ويقول: هم أصلى وفصلى، وإليهم يحن قلبى، طال شوقى إليهم، فعجل رب قبضى إليك حتى يغلبه النوم. ولما احتضر بلال نادت امرأته، وا كرباه فقال: وا طرباه، غدا ألقى الأحبة، محمدا وصحبه. إذا ذاق المحب طعم المحبة اشتاق وتأججت نيران الحب والطلب فى قلبه، ويجد الصبر عن محبوبه من أعظم كبائره كما قيل:
والصبر يحمد فى المواطن كلها ... إلا عليك فإنه لا يحمد
وعن زيد بن أسلم: خرج عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- ليلة يحرس فرأى مصباحا فى بيت فإذا عجوز تنفش صوفا وتقول:
على محمد صلاة الأبرار ... صلى عليه الطيبون الأخيار
قد كنت قواما بكاء بالأسحار ... يا ليت شعرى والمنايا أطوار
هل تجمعنى وحبيبى الدار
تعنى النبى- صلى الله عليه وسلم-، فجلس عمر يبكى، ثم قام إلى باب خيمتها فقال:
السلام عليكم، ثلاث مرات فقال لها: أعيدى على قولك، فأعادته بصوت حزين، فبكى وقال لها: وعمر لا تنسينه يرحمك الله، فقالت: وعمر فاغفر له يا غفار.
ويحكى أنه رؤيت امرأة مسرفة على نفسها، بعد موتها، فقيل لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر لى، قيل: بماذا؟ قالت: بمحبتى للنبى- صلى الله عليه وسلم- وشهوتى النظر إليه، فنوديت: من اشتهى النظر إلى حبيبنا فنستحى أن نذله بعتابنا، بل نجمع بينه وبين من يحبه.
ومن علامات محبته- صلى الله عليه وسلم- حب القرآن الذى أتى به، واهتدى به وتخلق به، وإذا أردت أن تعرف ما عندك وعند غيرك من محبة الله ورسوله فانظر محبة القرآن من قلبك، والتذاذك بسماعه أعظم من التذاذ أصحاب الملاهى والغناء المطرب بسماعهم، فإنه من المعلوم أن من أحب محبوبا كان كلامه وحديثه أحب شىء إليه، كما قيل: