وتارة يتصوب أثره إلى الروح، فتموج منه الروح موجا، ويكاد يضيق عنه نطاق القالب، فيكون من ذلك الصياح والاضطراب، وهذه كلها أحوال يجدها أربابها من أصحاب الأحوال.
وقد كان ابن عمر، - رضى الله عنهما-، ربما مر باية فى ورده فتخنقه العبرة ويسقط ويلزم البيت اليوم واليومين حتى يعاد ويحسب مريضا.
وقد كان الصحابة إذا اجتمعوا وفيهم أبو موسى الأشعرى يقولون: يا أبا موسى ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يسمعون.
فلمحبى السماع القرآنى من الوجد والذوق واللذة والحلاوة والسرور أضعاف ما لمحبى السماع الشيطانى، فإذا رأيت الرجل ذوقه ووجده وطربه ونشأته فى سماع الأبيات دون سماع الآيات، وفى سماع الألحان دون سماع القرآن كما قيل: نقرأ عليك الختمة وأنت جامد كالحجر، وبيت من الشعر ينشد تميل كالنشوانى، فاعلم أن هذا من أقوى الأدلة على فراغ قلبه من محبة الله ورسوله، أدام الله لنا حلاوة محبته، ولا سلك بنا فى غير سبيل سنته، بمنه ورحمته.
ومن علامات محبته- صلى الله عليه وسلم- محبة سنته، وقراءة حديثه، فإن من دخلت حلاوة الإيمان فى قلبه إذا سمع كلمة من كلام الله تعالى، أو من حديث رسوله- صلى الله عليه وسلم- تشربتها روحه وقلبه ونفسه، ويقول: