ويرغب» من ذلك: فى تشهد الصلاة، وذلك بعد التشهد وقبل الدعاء. وهذا الحديث- كما ترى- من أعظم الأدلة لنا. فإن قال قائل: ليس لكم فيه دلالة لأنه قال: سمع فيه رجلا يدعو فى صلاته، ولم يقل فى تشهده.
فيجاب: بأنه يلزم على هذا أن القاضى عياضا ساقه فى غير محله، لأنه عقد الفصل- كما قدمته- لبيان مواطن استحباب الصلاة. ثم قال: ومن ذلك فى تشهد الصلاة.
وفى «مصابيح» البغوى، من حديث فضالة بن عبيد هذا ما يدل على أنه كان فى التشهد، ولفظه: قال دخل رجل فقال: اللهم اغفر لى وارحمنى، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «عجلت أيها المصلى، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، ثم صل علىّ، ثم ادعه» .
وفى قوله:«عجلت» استلواح فوات الكمال عن الحقيقة المجزئة، إذ لو كانت مجزئة لما حسن اللوم والتعليم بصيغة الأمر، فإن قيل إنه فى مقام تعليم المستحبات إذ لو كان فى الواجبات لأمره بالإعادة، كما أمر المسىء صلاته، فيجاب: بأن فى قوله هذا غنية عن الأمر بالإعادة، لأنه حيث علمه ما هو الواجب علم قطعا أنه لم يأت به أولا فلم يكن آتيا به فوجبت إعادته، وهم أهل الفهم والعرفان. فإن قال: إن قوله «فقعدت» يحتمل أن يكون عطفا على مقدر، تقديره: إذا صليت وفرغت فقعدت للدعاء فاحمد الله.
فيجاب: بأن الأصل عدمه، وإنما هو عطف على المذكور، أى: إذا كنت فى الصلاة فقعدت للتشهد فاحمد الله، أى اثن عليه بقولك، التحيات لله إلخ والله أعلم.
وقال الجرجانى من الحنفية وغيره: لو كانت فرضا لما لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، لأنه- صلى الله عليه وسلم- علمهم التشهد وقال:«فليتخير من الدعاء ما شاء، ولم يذكر الصلاة عليه» .
وأجيب: باحتمال أن لا تكون فرضت حينئذ. وقال الحافظ زين الدين العراقى فى شرح الترمذى: قد ورد هذا الصحيح بلفظ: ثم ليتخير، و «ثم»