للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المحل المنفعل، أو لمانع قوى فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء كما يكون ذلك فى الأدوية والأدواء الحسية، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء، وقد يكون المانع قوى يمنع من اقتضائه أثره، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، وكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام، وكان الدواء فى نفس فعالة، وهمة مؤثرة أثر فى إزالة الداء.

وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب فى رفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه، إما لضعفه فى نفسه بأن يكون دعاء لا يجيبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، وإما لحصول المانع من الإجابة: من أكل الحرام والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغافلة والسهو واللهو، وقد روى الحاكم حديث: «واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه» «١» .

ومن أنفع الأدوية الدعاء، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن، وإذا جمع من الدعاء حضور القلب، والجمعية بالكلية على المطلوب، وصادف وقتا من أوقات الإجابة كثلث الليل الأخير، مع الخضوع والانكسار، والذل والتضرع، واستقبال القبلة، والطهارة ورفع اليدين، والبداءة بالحمد والثناء على الله تعالى، والصلاة والتسليم على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- بعد التوبة والاستغفار والصدقة، واللح فى المسألة، وأكثر التملق والدعاء، والتوسل إليه بأسمائه وصفاته، والتوجه إليه بنبيه- صلى الله عليه وسلم- فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا، لا سيما إن دعاه بالأدعية التى أخبر- صلى الله عليه وسلم- أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم. ولا خلاف فى مشروعية الفزع إلى الله تعالى، والالتجاء إليه فى كل ما ينوب الإنسان.


(١) حسن: أخرجه الترمذى (٣٤٧٩) فى الدعوات، باب: فى جامع الدعوات عن النبى- صلى الله عليه وسلم-، والحاكم فى «المستدرك» (١/ ٦٧٠) ، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .