للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الرقى «١» ، فاعلم أن الرقى بالمعوذات من أسماء الله تعالى، هو الطب الروحانى، وإذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى، لكن لما عزّ هذا النوع، فزع الناس إلى الطب الجسمانى. وفى البخارى، من حديث عائشة، (أنه- صلى الله عليه وسلم- كان ينفث على نفسه فى المرض الذى مات فيه بالمعوذات وهى الفلق والناس والإخلاص) «٢» فيكون من باب التغليب، أو المراد الفلق والناس. وكذلك كل ما ورد فى التعويذ فى القرآن، كقوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ «٣» .

وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائى من حديث ابن مسعود: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يكره عشر خصال، فذكر منها الرقى إلا بالمعوذات «٤» ، ففى سنده عبد الرحمن بن حرملة، قال البخارى: لا يصح حديثه. وعلى تقدير صحته فهو منسوخ بالإذن فى الرقية بالفاتحة.

وأما حديث أبى سعيد عند النسائى: كان- صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فأخذ بهما وترك ما سواهما «٥» ، وحسنه


(١) الرقى: جمع رقية، وهى العوذة، أى الاعتياذ من جنون أو مرض، وأصل العوذ: اللجوء والاعتصام ولا يكون ذلك إلا بالله عز وجل، ولا يكون ذلك إلا بكلمات نافعة وردت فى كتابه أو على لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم-.
(٢) صحيح: والحديث الدال على ذلك أخرجه البخارى (٥٧٣٥) فى الطب، باب: الرقى والقرآن والمعوذات، ومسلم (٢١٩٢) فى السلام، باب: رقية المريض بالمعوذات والنفث، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٣) سورة المؤمنون: ٩٧.
(٤) ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٢٢٢) فى الخاتم، باب: ما جاء فى خاتم الذهب، والنسائى (٨/ ١٤١) فى الزينة، باب: الخضاب بالصفرة، وأحمد فى «المسند» (١/ ٣٨٠) ، والحاكم فى «المستدرك» (٤/ ٢١٦) قلت: ولم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود إلا عبد الرحمن بن حرملة، ولم يرو عبد الرحمن بن حرملة إلا عن ابن أخيه القاسم بن حسان، وكلاهما جهلهما الحافظ ابن حجر فى «التقريب» ، حيث قال عند كل واحد منها: مقبول، وهى تعنى عنده الجهالة.
(٥) صحيح: أخرجه الترمذى (٢٠٥٨) فى الطب، باب: ما جاء فى الرقية بالمعوذتين، والنسائى (٨/ ٢٧١) فى الاستعاذة، باب: الاستعاذة من عين الجان، وابن ماجه (٣٥١١) فى الطب، باب: من استرقى من العين، والحديث صححه الشيخ الألبانى كما فى «صحيح الجامع» (٤٩٠٢) .