للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الترمذى، فلا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين، بل على الأولوية، ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما. وإنما اجتزأ بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا. وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:

- أن تكون بكلام الله تعالى، أو بأسمائه وصفاته.

- وباللسان العربى، أو بما يعرف معناه من غيره.

- وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى.

واختلفوا فى كونها شرطا، والراجح أنه لا بد من اعتبارها. وفى صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك: كنا نرقى فى الجاهلية، فقلنا يا رسول الله، كيف ترى فى ذلك؟ فقال: «اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقى إذا لم يكن فيه شرك» «١» .

وله من حديث جابر: (نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم، فقالوا: يا رسول الله، إنها كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب، قال: «فاعرضوها على» ، قال: فعرضوا عليه، قال: «ما أرى بأسا، من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه» «٢» وقد تمسك قوم بهذا العموم، فأجازوا كل رقية جربت منفعتها، ولو لم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف أنه مهما كان من الرقى يؤدى إلى الشرك فإنه يمتنع، وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدى إلى الشرك فيمنع احتياطا. والشرط الأخير لا بد منه.

وقال قوم: لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة، لحديث عمران بن حصين: (لا رقية إلا من عين أو حمة) «٣» . وأجيب: بأن معنى الحصر فيه


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٢٠٠) فى السلام، باب: لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، وأبو داود (٣٨٨٦) فى الطب، باب: ما جاء فى الرقى.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢١٩٩) فى السلام، باب: استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، وابن ماجه (٣٥١٥) فى الطب، باب: ما رخص فيه من الرقى.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٥٧٠٥) فى الطب، باب: من اكتوى أو كوى غيره، وهو عند مسلم (٢٢٠) فى الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب من حديث بريدة- رضى الله عنه-.