للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأثير فى «النهاية» : كان أكثر من حج معه- صلى الله عليه وسلم- لم يسق الهدى، فلما أمرهم أن يفسخوا الحج إلى العمرة ثم يتحللوا منها، ويحلقوا رؤسهم، شق عليهم، ثم لما لم يكن لهم بد من الطاعة كان التقصير فى أنفسهم أخف من الحلق، ففعله أكثرهم، فرجح- صلى الله عليه وسلم- فعل من حلق لكونه أبين فى امتثال الأمر. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر: وفيما قاله نظر، وإن تابعه عليه غير واحد، لأن المتمتع يستحب فى حقه أن يقصر فى العمرة ويحلق فى الحج إذا كان ما بين النسكين متقاربا، وقد كان ذلك فى حقهم كذلك، والأولى ما قاله الخطابى وغيره: إن عادة العرب أنها كانت تحب توفير الشعور والتزين بها، وكان الحلق فيهم قليلا، وربما كانوا يرونه من الشهرة ومن فعل الأعاجم، فلذلك كرهوا الحلق واقتصروا على التقصير. انتهى.

وفى رواية عبد الله بن عمرو بن العاص: وقف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله، لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر؟ فقال: «اذبح ولا حرج» ، ثم جاء رجل آخر فقال: يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمى؟ فقال: «ارم ولا حرج» . قال: فما سئل عن شئ قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج «١» . رواه مسلم.

وفى رواية: حلقت قبل أن أرمى «٢» ، وفى رواية: وقف- صلى الله عليه وسلم- على راحلته فطفق الناس يسألونه فيقول القائل منهم: يا رسول الله إنى لم أكن أشعر أن الرمى قبل النحر، فنحرت قبل أن أرمى، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «فارم ولا حرج» ، قال: فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعض وأشباهها إلا قال- صلى الله عليه وسلم-: «افعلوا ذلك ولا حرج» «٣» .


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٨٣) فى العلم، باب: الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها، ومسلم (١٣٠٦) فى الحج، باب: من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمى. من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(٢) تقدم فى الذى قبله.
(٣) تقدم فى الذى قبله.