للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستفهم عن ذلك، فأعلمته عائشة أنها طافت معهن فزال عنه ما خشيه من ذلك. انتهى.

وقالت عائشة: يا رسول الله، ينطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج؟ فأمر عبد الرحمن بن أبى بكر أن يخرج معها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج «١» .

رواه الشيخان. وفى رواية لمسلم أنها وقفت المواقف كلها، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة، ثم قال لها- يعنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قد حللت من حجك وعمرتك جميعا» ، فقالت: يا رسول الله، إنى أجد فى نفسى أنى لم أطف بالبيت حين حججت، قال: «فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم» ، وذلك ليلة الحصبة. زاد فى رواية: وكان- صلى الله عليه وسلم- رجلا سهلا، إذا هويت شيئا تابعها عليه «٢» .

وقد كانت عائشة قارنة، لأنها كانت قد أهلت بالعمرة، فحاضت فأمرها فأدخلت عليها الحج، وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجها وعمرتها، فوجدت فى نفسها أن يرجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلتين، فإنهن كن متمتعات ولم يحضن ولم يقرنّ، وترجع هى بعمرة فى ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها.

ثم ارتحل- صلى الله عليه وسلم- راجعا إلى المدينة، فخرج من كدى «٣» - بضم الكاف مقصورا- وهى عند باب شبيكة، بقرب شعب الشاميين من ناحية قعيقعان.

واختلف فى المعنى الذى لأجله خالف- صلى الله عليه وسلم- بين طريقيه، فقيل: ليتبرك به كل من فى طريقه، وقيل: الحكمة فى ذلك المناسبة لجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان، وعكسه الإشارة إلى فراقه، وقيل: لأن إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- لما دخل مكة دخل منها: وقيل غير ذلك.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣١٧) فى الحيض، باب: نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض، ومسلم وقد تقدم. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٢) تقدم.
(٣) صحيح: أخرجه أبو داود (١٨٦٨) فى المناسك، باب: دخول مكة. من حديث عائشة- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .