للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- عند الإسماعيلى- كان يقول: «أين أنا غدا» حرصا على بيت عائشة، فلما كان يومى أذن له نساؤه أن يمرض فى بيتى «١» .

وعن عائشة: أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من جنازة بالبقيع، وأنا أجد صداعا فى رأسى، وأنا أقول: وارأساه، فقال: «بل أنا وارأساه» ، ثم قال: «ما ضرك لو مت قبلى فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك» ، فقالت: لكأنى بك والله لو فعلت ذلك، لقد رجعت إلى بيتى فأعرست فيه ببعض نسائك، فتبسم- صلى الله عليه وسلم-، ثم بدأ فى وجعه الذى مات فيه «٢» . رواه أحمد والنسائى.

وفى البخارى، قالت عائشة: وارأساه فقال- صلى الله عليه وسلم-: «ذاك لو كان وأنا حى فأستغفر لك وأدعو لك» ، فقالت عائشة: واثكلياه، والله إنى لأظنك تحب موتى، فلو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «بل أنا وارأساه» ، لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبى بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون «٣» .

وقوله: «بل أنا وارأساه» إضراب، يعنى: دعى ذكر ما تجدينه من وجع رأسك واشتغلى بى. فإن قلت: قد اتفقوا على كراهة شكوى العبد كربه، وروى أحمد فى الزهد عن طاووس أنه قال: «أنين المريض شكوى» ، وجزم أبو الطيب وابن الصباغ وجماعة من الشافعية أن تأوه المريض مكروه.

قلت: تعقبه النووى فقال: هذا ضعيف أو باطل، فإن المكروه ما ثبت فيه نهى مخصوص، وهو لم يثبت فيه ذلك، ثم احتج بحديث عائشة هذا،


(١) تقدم.
(٢) أخرجه الدارمى (٨٠) فى المقدمة، باب: وفاة النبى، وأصله فى الصحيح وسيأتى فى الذى بعده. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٥٦٦٦) فى المرضى، باب: قول المريض إنى وجع أو وارأساه. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.