للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عناية ضل كيد المشركين بها ... وما مكائدهم إلا الأضاليل

إذ ينظرون وهم لا يبصرونهما ... كأن أبصارهم من زيغها حول

وفى الصحيح عن أنس قال أبو بكر: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لرآنا، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» «١» .

وروى أن أبا بكر قال: نظرت إلى قدمى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى الغار وقد تفترتا دما فاستبكيت وعلمت أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يكن تعود الحفا والجفوة.

وروى أيضا أن أبا بكر دخل الغار قبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليقيه بنفسه، وأنه رأى جحرا فيه، فألقمه عقبه لئلا يخرج منه ما يؤذى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجعلت الحيات والأفاعى تضربنه وتلسعنه، فجعلت دموعه تتحدر. وفى رواية: فدخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ووضع رأسه فى حجر أبى بكر فنام، فلدغ أبو بكر فى رجله من الجحر ولم يتحرك فسقطت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم-، فقال: مالك يا أبا بكر؟ فقال لدغت فداك أبى وأمى، فتفل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فذهب ما يجده. رواه رزين.

وروى أيضا: أن أبا بكر لما رأى القافة اشتد حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم- وقال إن قتلت أنا فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، فعندها قال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا «٢» . يعنى بالمعونة والنصر، فأنزل الله سكينته- وهى أمنة تسكن عندها القلوب- على أبى بكر لأنه كان منزعجا، وأيده- يعنى النبى- صلى الله عليه وسلم- بجنود لم تروها من الملائكة ليحرسوه فى الغار، أو ليصرفوا وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته «٣» .

انظر، لما رأى الرسول حزن الصديق قد اشتد لكن لا على نفسه، قوى


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٦٥٣) فى المناقب، باب: مناقب المهاجرين وفضلهم منهم أبو بكر عبد الله بن أبى قحافة التيمى- رضى الله عنه-، ومسلم (٢٣٨١) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-.
(٢) سورة التوبة: ٤٠.
(٣) أخرجه أحمد فى «مسنده» (١/ ٢) بنحوه، من حديث أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-.