للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلبه ببشارة لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا «١» وكانت تحفة «ثانى اثنين» مدخرة له دون الجميع، فهو الثانى فى الإسلام والثانى فى بذل النفس والعمر وسبب الموت لما وقى الرسول- صلى الله عليه وسلم- بماله ونفسه وجوزى بمواراته معه فى رمسه، وقام مؤذن التشريف ينادى على منائر الأمصار «ثانى اثنين إذ هما فى الغار» ولقد أحسن حسان حيث قال:

وثانى اثنين فى الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ صاعد الجبلا

وكان حب رسول الله قد علموا ... من الخلائق لم يعدل له بدلا

وتأمل قول موسى- عليه السّلام- لبنى إسرائيل: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ «٢» . وقول نبينا- صلى الله عليه وسلم- للصديق: إِنَّ اللَّهَ مَعَنا «٣» فموسى خص بشهود المعية ولم يتعد منه إلى أتباعه، ونبينا تعدى منه إلى الصديق، ولم يقل «معى» لأنه أمد أبا بكر بنوره فشهد سر المعية، ومن ثم سرى سر السكينة على أبى بكر، وإلا لم يثبت تحت أعباء هذا التجلى والشهود، وأين معية الربوبية فى قصة موسى- عليه السّلام- من معية الإلهية فى قصة نبينا صلى الله عليه وسلم-. قاله العارف شمس الدين بن اللبان.

وأخرج أبو نعيم فى الحلية عن عطاء بن ميسرة، قال: نسجت العنكبوت مرتين، مرة على داود حين كان طالوت يطلبه، ومرة على النبى صلى الله عليه وسلم- فى الغار «٤» .

وكذا نسجت على الغار الذى دخله عبد الله بن أنيس لما بعثه- صلى الله عليه وسلم- لقتل خالد بن نبيح الهذلى بعرنة، فقتله ثم حمل رأسه ودخل فى غار فنسجت عليه العنكبوت، وجاء الطلب فلم يجدوا شيئا فانصرفوا راجعين.

وفى تاريخ ابن عساكر: أن العنكبوت نسجت أيضا على عورة زيد بن


(١) سورة التوبة: ٤٠.
(٢) سورة الشعراء: ٦٢.
(٣) سورة التوبة: ٤٠.
(٤) أخرجه أبو نعيم فى «الحلية» (٥/ ١٩٧) .