للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على بن الحسين بن على بن أبى طالب لما صلب عريانا فى سنة إحدى وعشرين ومائة.

وكان مكثه- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر فى الغار ثلاث ليال، وقيل بضعة عشر يوما. والأول هو المشهور.

وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبى بكر، وهو غلام شاب ثقف- أى ثابت المعرفة بما يحتاج إليه لقن- فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت معهم، فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه، حتى يأتيهما بخبر ذلك اليوم حين يختلط الظلام.

ويرعى عليهما عامر بن فهيرة- مولى أبى بكر- منحة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان فى رسل، وهو لبن منحتهما، يفعل ذلك فى كل ليلة من تلك الليالى الثلاث.

واستأجر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، عبد الله بن الأريقط دليلا- وهو على دين كفار قريش، ولم يعرف له إسلام- فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال.

فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم على طريق السواحل، فمروا بقديد على أم معبد- عاتكة بنت خالد الخزاعية- وكانت برزة جلدة، تحتبى بفناء القبة، ثم تسقى وتطعم.

وكان القوم مرملين مسنتين «١» ، فطلبوا لبنا ولحما يشترونه منها، فلم يجدوا عندها شيئا، فنظر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى شاة فى كسر الخيمة، خلفها الجهد عن الغنم، فسألها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «هل بها من لبن» فقالت: لهى أجهد من ذلك، فقال: «أتأذنين لى أن أحلبها» فقالت: نعم بأبى أنت وأمى إن رأيت بها حلبا فاحلبها، فدعا بالشاة فاعتقلها ومسح ضرعها، وسمى الله، فتفاجت ودرت، ودعا بإناء يربض الرهط- أى يشبع الجماعة حتى يربضوا-


(١) شرح المصنف معانى هذه الكلمات بعد سرده للحديث، فانظرها هناك.