للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا ما حدا الحادى بأحمال يثرب ... فليت المطايا فوق خدى تعبّق

ثم قال بعد أبيات:

فما عبق الريحان إلا وتربها ... أجلّ من الريحان طيبا وأعبق

وله أيضا:

راحت ركائبهم تبدى روائحها ... طيبا فيا طيب ذاك الوفد أشباحا

نسيم قبر النبى المصطفى لهم ... روض إذا نشروا من ذكره فاحا

ولله در القائل:

فاح الصعيد بجسمه فكأنه ... روض بنم يعرفه المتأرج

ما جسمه مما يغيره الثرى ... والروح منه كالصباح الأبلج

وقال ابن بطال فى قوله- صلى الله عليه وسلم-: «المدينة ينصع طيّبها» «١» هو مثل ضربه للمؤمن المخلص الساكن فيها، الصابر على لأوائها مع فراق الأهل والتزام المخافة من العدو فلما باع نفسه والتزم هذا الأمر بأن صدقه ونصع إيمانه وقوى لاغتباطه بسكن المدينة ولقربه من رسوله، كما ينصع ريح الطيب فيها ويزيد عبقا على سائر البلاد، خصوصية خص الله بها بلدة رسوله- صلى الله عليه وسلم- الذى اختار تربتها المباشرة جسده الطيب المطهر، وقد جاء فى الحديث «أن المؤمن يقبر فى التربة التى خلق منها» فكانت بهذا تربة المدينة أفضل الترب، كما أنه هو- صلى الله عليه وسلم- أفضل البشر، فلهذا والله أعلم يتضاعف ريح الطيب فيها على سائر البلدان. انتهى.

وينبغى للزائر أن يكثر من الدعاد والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به- صلى الله عليه وسلم-، فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله تعالى فيه.

واعلم أن الاستغاثة هى طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٨٨٣) فى الحج، باب: المدينة تنفى الخبث، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما-.