للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به أن يحصل له الغوث منه، فلا فرق بين أن يعبر بلفظ: الاستغاثة أو التوسل أو التشفع أو التجوّه أو التوجه، لأنهما من الجاه والوجاهة ومعناه: علو القدر والمنزلة.

وقد يتوسل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه، ثم إن كلا من الاستغاثة والتوسل والتشفع والتوجه بالنبى- صلى الله عليه وسلم- كما ذكره فى «تحقيق النصرة» و «مصباح الظلام» - واقع فى كل حال، قبل خلقه وبعد خلقه، فى مدة حياته فى الدنيا وبعد موته فى مدة البرزخ، وبعد البعث فى عرصات القيامة.

فأما الحالة الأولى فحسبك ما قدمته فى المقصد الأول من استشفاع آدم- عليه السّلام- به لما أخرج من الجنة، وقول الله تعالى له: «يا آدم لو تشفعت إلينا بمحمد فى أهل السماوات والأرض لشفعناك» . وفى حديث عمر بن الخطاب عند الحاكم والبيهقى وغيرهما: «وإن سألتنى بحقه فقد غفرت لك» . ويرحم الله «١» ابن جابر حيث قال:

به قد أجاب الله آدم إذ دعا ... ونجّى فى بطن السفينة نوح

وما ضرت النار الخليل لنوره ... ومن أجله نال الفداء ذبيح

وصح أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب، أسألك بحق محمد لما غفرت لى، قال الله تعالى: يا آدم، وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه، قال: يا رب، إنك لما خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك، رفعت رأسى فرأيت قوائم العرش مكتوبا عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لا تضيف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله تعالى: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلى، وإذ سألتنى بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك «٢» . ذكره الطبرى وزاد فيه: وهو آخر الأنبياء من ذريتك.


(١) قلت: بل يغفر الله لقائله تلك الكلمات التى ليس عليها دليل، إلا أهواء قائليها، وما ضرهم إذ وصفوه بما وصفه الله تعالى به أو وصف به نفسه دون إفراط أو تفريط.
(٢) تقدم أنه موضوع.