للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التوسل بعد خلقه فى مدة حياته، فمن ذلك الاستغاثة به- صلى الله عليه وسلم- عند القحط وعدم الأمطار، وكذلك الاستغاثة به من الجوع ونحو ذلك مما ذكرته فى مقصد المعجزات ومقصد العبادات فى الاستسقاء، ومن ذلك استغاثة ذوى العاهات به، وحسبك ما رواه النسائى والترمذى عن عثمان بن حنيف، أن رجلا ضرير أتاه- صلى الله عليه وسلم- فقال: ادع الله يعافينى، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: «اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة، يا محمد إنى أتوجه بك إلى ربك فى حاجتى لتقضى، اللهم شفعه فىّ» «١» وصححه البيهقى، وزاد: فقام وقد أبصر.

وأما التوسل به- صلى الله عليه وسلم- بعد موته فى البرزخ فهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصاء وفى كتاب «مصباح الظلام فى المستغيثين بخير الأنام» للشيخ أبى عبد الله بن النعمان طرف من ذلك.

ولقد كان حصل لى داء أعيا دواؤه الأطباء، وأقمت به سنين، فاستغثت به- صلى الله عليه وسلم- ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة بمكة زادها الله شرفا، ومنّ علىّ بالعود فى عافية بلا محنة، فبينا أنا نائم إذ جاء رجل معه قرطاس يكتب فيه: هذا دواء لداء أحمد بن القسطلانى من الحضرة الشريفة بعد الإذن الشريف النبوى، ثم استيقظت فلم أجد بى- والله- شيئا مما كنت أجده، وحصل الشفاء ببركة النبى- صلى الله عليه وسلم-.

ووقع لى أيضا فى سنة خمس وثمانين وثمانمائة فى طريق مكة، بعد رجوعى من الزيارة الشريفة لقصد مصر، أن صرعت خادمتنا غزال الحبشية، واستمر بها أياما، فاستشفعت به- صلى الله عليه وسلم- فى ذلك، فأتانى آت فى منامى، ومعه الجنى الصارع لها فقال: لقد أرسله لك النبى- صلى الله عليه وسلم-، فعاتبته وحلفته أن لا يعود إليها، ثم استيقظت وليس بها قلبة كأنما نشطت من عقال، ولا


(١) صحيح: وقد تقدم، إلا أن المقصود بالتوسل به هنا التوسل بدعائه، لا التوسل بذاته، وبينهما فرق.