للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعرض لذلك، والذى أعتقده لو أن ذلك عرض على علماء الأمة لم يختلفوا فيه، وقد جاء أن السماوات شرفت بمواطئ قدميه، بل لو قال قائل: إن جميع بقاع الأرض أفضل من جميع بقاع السماء لشرفها لكونه- صلى الله عليه وسلم- حالا فيها لم يبعد، بل هو عندى الظاهر المتعين. انتهى.

وحكاه بعضهم عن الأكثرين لخلق الأنبياء منها ودفنهم فيها، لكن قال النووى: إن الجمهور على تفضيل السماء على الأرض، أى ما عدا ما ضم الأعضاء الشريفة.

وقد استشكل ما ذكر من الإجماع على أفضلية ما ضم أعضاءه الشريفة على جميع بقاع الأرض، ويؤيده ما قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام فى تفضيل بعض الأماكن على بعض، من أن الأماكن والأزمان كلها متساوية، ويفضلان بما يقع فيهما لا بصفات قائمة بهما. قال: ويرجع تفضيلهما إلى ما ينيل الله العباد فيهما من فضله وكرمه، والتفضيل الذى فيهما أن الله تعالى يجود على عباده بتفضيل أجر العاملين فيهما. انتهى. ملخصا.

لكن تعقبه الشيخ تقى الدين السبكى بما حاصله: إن الذى قاله لا ينفى أن يكون التفضيل لأمر آخر فيهما وإن لم يكن عمل، لأن قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه من الرحمة والرضوان والملائكة، وله عند الله من المحبة ولساكنه ما تقصر العقول عن إدراكه، وليس ذلك لمكان غيره، فكيف لا يكون أفضل؟ وليس محل عمل لنا لأنه ليس مسجدا، ولا له حكم المسجد، بل هو مستحق للنبى- صلى الله عليه وسلم-.

وأيضا فقد تكون الأعمال مضاعفة فيه باعتبار أن النبى- صلى الله عليه وسلم- حى كما تقرر، وأن أعماله مضاعفة فيه أكثر من كل أحد، فلا يختص التضعيف بأعمالنا نحن.

قال: ومن فهم هذا انشرح صدره لما قاله القاضى عياض من تفضيل ما ضم أعضاءه الشريفة- صلى الله عليه وسلم- باعتبارين: أحدهما، ما قيل إن كل أحد يدفن فى الموضع الذى خلق منه، والثانى: تنزل الملائكة والبركات عليه، وإقبال الله