للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الطبرانى حديث «المدينة خير من مكة» «١» وفى رواية للجندى «أفضل من مكة» وفيه: محمد بن عبد الرحمن الرداد، ذكره ابن حبان فى الثقات وقال: كان يخطئ، وقال أبو زرعة: لين، وقال: ابن عدى، روايته ليست محفوظة، وقال أبو حاتم: ليس بقوى.

وفى الصحيحين عن أبى هريرة، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون يثرب وهى المدينة، تنفى الناس كما ينفى الكير خبث الحديد» «٢» . أى أمرنى الله بالهجرة إليها، إن كان قاله- صلى الله عليه وسلم- بمكة، أو:

بسكناها، إن كان قاله بالمدينة. وقال القاضى عبد الوهاب: لا معنى لقوله:

«تأكل القرى» إلا رجوح فضلها عليها، أى على القرى وزيادتها على غيرها.

وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون المراد بذلك: غلبة فضلها على فضل غيرها، أى أن الفضائل تضمحل فى جنب عظيم فضلها حتى تكون عدما، وهذا أبلغ من تسمية مكة «أم القرى» لأن الأمومة لا ينمحى معها ما هى له أم، لكن يكون لها حق الأمومة، انتهى.

ويحتمل أن يكون المراد غلبة أهلها على القرى، والأقرب: حمله عليهما، إذ هو أبلغ فى الغرض المسوق له. انتهى ما قاله السيد السمهودى.

وقد أطلت فى الاحتجاج لتفضيل المدينة على مكة، وإن كان مذهب إمامنا الشافعى- رحمه الله- تفضيل مكة، لأن هوى كل نفس أين حل حبيبها.

علىّ لربع العامرية وقفة ... ليملى على الشوق والدمع كاتب

ومن مذهبى حب الديار لأهلها ... وللناس فيما يعشقون مذاهب


(١) ضعيف: أخرجه الطبرانى فى الكبير والدار قطنى فى الأفراد عن رافع بن خديج كما فى «ضعيف الجامع» (٥٩٢٠) .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (١٨٧١) فى الحج، باب: فضل المدينة وأنها تنفى الناس، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.