للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموقف والجنة، والمؤمنون يمرون عليه لدخول الجنة، فلو كان الحوض دونه لحالت النار بينه وبين الماء الذى يصب من الكوثر فى الحوض، وظاهر الحديث أن الحوض، بجانب الجنة ليصب فيه الماء من النهر الذى داخلها.

وقال القاضى عياض: ظاهر قوله- صلى الله عليه وسلم-: «من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا» يدل على أن الشرب منه يقع بعد الحساب والنجاة من النار، لأن ظاهر حال من لا يظمأ أن لا يعذب بالنار، ولكن يحتمل أن من قدر عليه التعذيب منهم أن لا يعذب فيها بالظمأ بل بغيره.

وعن أنس قال: سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يشفع لى يوم القيامة، فقال: «أنا فاعل إن شاء الله» قلت: فأين أطلبك؟ قال: «أول ما تطلبنى على الصراط» ، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: «فاطلبنى عند الميزان» ، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبنى عند الحوض، فإنى لا أخطئ هذه الثلاثة مواطن» «١» . رواه الترمذى وقال: حسن غريب.

وفى حديث ابن مسعود عند أحمد: «ثم أوتى بكسوتى فألبسها فأقوم عن يمين العرش مقاما لا يقومه أحد، فيغبطنى به الأولون والآخرون» . قال:

«ويفتح لهم من الكوثر إلى الحوض» «٢» . الحديث.

وقد بين فى حديث ابن عمرو بن العاص، عند البخارى، أن الحوض مسيرة شهر، وزاد فى رواية مسلم من هذا الوجه: وزواياه سواء طوله كعرضه. وهذه الزيادة- كما قاله فى فتح البارى- تدفع تأويل من جمع بين مختلف الأحاديث فى تقدير مسافة الحوض على اختلاف العرض والطول.


(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٢٤٣٣) فى صفة القيامة والرقائق والورع، باب: ما جاء فى شأن الصراط. من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-. وصححه الألبانى فى «صحيح الترمذى» .
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣٩٨) من حديث ابن مسعود، وذكره الهيثمى فى «المجمع» (١٠/ ٣٦٢) وقال: رواه أحمد والبزار والطبرانى وفى أسانيدهم كلهم عثمان بن عمير، وهو ضعيف.