للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى حديث أبى سعيد عند ابن ماجه رفعه: «إن لى حوضا ما بين الكعبة وبيت المقدس» «١» .

وفى حديث أبى برزة عند الطبرانى وابن حبان فى صحيحه: «ما بين ناحيتى حوضى كما بين أيلة وصنعاء، مسيرة شهر عرضه كطوله» «٢» . وفى حديث أنس- عند الشيخين- كما بين صنعاء والمدينة. وفى حديث عتبة بن عبد السلمى عند ابن حبان فى صحيحه كما بين صنعاء إلى بصرى. وفى حديث أبى أمامة عند الطبرانى: ما بين عدن وعمان- بضم المهملة وتخفيف الميم- وقال ابن الأثير فى النهاية فى حديث الحوض: عرضه من مقامى إلى عمّان- هى بفتح العين وتشديد الميم- مدينة قديمة بالشام من أرض البلقاء، فأما بالضم والتخفيف فهو صقع عند البحرين. انتهى.

وهذه المسافات كلها متقاربة، وظن بعضهم أنه وقع اضطراب فى ذلك، وليس كذلك. وأجاب النووى عن ذلك: بأنه ليس فى ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة، فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح فلا معارضة. وحاصله يشير إلى أنه أخبر أولا بالمسافة اليسيرة ثم أعلم بالمسافة الطويلة فأخبر بما كان الله تفضل عليه باتساعه شيئا بعد شئ، فيكون الاعتماد على أطولها مسافة.

فإن قلت: هل لكل نبى من الأنبياء غير نبينا- صلى الله عليه وسلم- حوض هناك يقوم عليه كنبينا؟ فالجواب: أنه اشتهر اختصاص نبينا- صلى الله عليه وسلم- بالحوض. قال القرطبى فى «المفهم» مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به، أنه تعالى قد خص نبيه محمدا- صلى الله عليه وسلم- بالحوض المصرح باسمه وصفته وشرابه فى الأحاديث الصحيحة الشهيرة التى يحصل بمجموعها العلم القطعى، إذ روى ذلك عنه- صلى الله عليه وسلم- من الصحابة نيف على الثلاثين، منهم فى الصحيحين


(١) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (٤٣٠١) فى الزهد، باب: ذكر الحوض، من حديث أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه-، وقال البوصيرى فى الزوائد: فى إسناده عقبة العوفى، وهو ضعيف.
(٢) إسناده حسن: أخرجه ابن حبان فى «صحيحه» (٦٤٥٨) وقال الشيخ شعيب الأرناؤط: إسناده حسن.