للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعرفنا؟ قال: «نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون علىّ غرّا محجلين من آثار الوضوء» «١» .

قالوا: والحكمة فى الذود المذكور، أنه- صلى الله عليه وسلم- يريد أن يرشد كل أحد إلى حوض نبيه، كما تقدم «إن لكل نبى حوضا» ، فيكون هذا من جملة إنصافه- صلى الله عليه وسلم- ورعاية إخوانه من النبيين، لا أنه يطردهم بخلا عليهم بالماء، ويحتمل أن يكون بطرد من لا يستحق الشرب من الحوض. والله أعلم.

وفى حديث أنس أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «لحوضى أربعة أركان، الأول بيد أبى بكر الصديق، والثانى بيد عمر الفاروق، والثالث بيد عثمان ذى النورين، والرابع بيد على بن أبى طالب. فمن كان محبّا لأبى بكر مبغضا لعمر لا يسقيه أبو بكر، ومن كان محبّا لعلى مبغضا لعثمان لا يسقيه على» . رواه أبو سعد فى «شرف النبوة» والغيلانى والله أعلم.

وأما تفضيله- صلى الله عليه وسلم- بالشفاعة والمقام المحمود، فقد قال تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «٢» . اتفق المفسرون على أن كلمة «عسى» من الله واجب، قال أهل المعانى: لأن لفظة «عسى» تفيد الإطماع، ومن أطمع إنسانا فى شئ ثم أحرمه كان عارا، والله تعالى أكرم من أن يطمع أحدا فى شئ ثم لا يعطيه ذلك. وقد اختلف فى تفسير المقام المحمود على أقوال:

أحدها: أنه الشفاعة. قال الواحدى: أجمع المفسرون على أنه مقام الشفاعة كما قال- صلى الله عليه وسلم- فى هذه الآية: «هو المقام الذى أشفع فيه لأمتى» .

وقال الإمام ابن الخطيب: اللفظ مشعر بذلك، لأن الإنسان إنما يصير محمودا إذا حمده حامد، والحمد إنما يكون على الإنعام، فهذا المقام المحمود يجب أن يكون مقاما أنعم فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على قوم فحمدوه على ذلك الإنعام، وذلك الإنعام لا يجوز أن يكون هو تبليغ الدين وتعليمهم الشرع لأن


(١) تقدم.
(٢) سورة الإسراء: ٧٩.