للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصف من كلام أهل الموقف كله يقع عند نصب الصراط بعد تساقط الكفار فى النار، وأن عيسى هو الذى يخاطب نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وأن جميع الأنبياء يسألونه فى ذلك.

وفى حديث سلمان عند ابن أبى شيبة: يأتون محمدا فيقولون: يا نبى الله، أنت فتح الله بك وختم بك، وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وجئت فى هذا اليوم، وترى ما نحن فيه فقم فاشفع لنا إلى ربنا، فيقول: «أنا صاحبكم» ، فيجوس الناس حتى ينتهى إلى باب الجنة.

فإن قلت: ما الحكمة فى انتقاله- صلى الله عليه وسلم- من مكانه إلى الجنة؟

أجيب: بأن أرض الموقف لما كانت مقام عرض وحساب كانت مقام مخافة وإشفاق، ومقام الشافع يناسب أن يكون فى مكان إكرام.

وفى حديث أبى بن كعب عند أبى يعلى رفعه: فأسجد له سجدة يرضى بها عنى، ثم أمتدحه بمدحة يرضى بها عنى.

وفى حديث أبى بكر الصديق، فينطلق إليه جبريل، فيخر ساجدا قدر جمعة، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك.

وفى رواية النضر بن أنس: فأوحى الله إلى جبريل أن اذهب إلى محمد فقل له: ارفع رأسك.

وعلى هذا، فالمعنى يقول لى على لسان جبريل، والظاهر أنه- صلى الله عليه وسلم- يلهم التحميد قبل سجوده، وبعده وفيه، ويكون فى كل مكان ما يليق به، فإنه ورد فى رواية: «فأقوم بين يديه فيلهمنى بمحامد لا أقدر عليها، ثم أخر ساجدا» «١» . وفى رواية البخارى: «فأرفع رأسى فأحمد ربى بتحميد يعلمنى» «٢» .


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٧٥١٠) فى التوحيد، باب: كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء، ومسلم (١٩٣) فى الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها. من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-.
(٢) تقدم فى الذى قبله.