للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفردوس بيده، ثم قال: وعزتى وجلالى لا يدخلها مدمن خمر ولا الديوث» «١» . وفيه أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن تكلم فيه.

وروى الدارمى أيضا، عن عبد الله بن عمر: خلق الله أربعة أشياء بيده، العرش والقلم وعدنا وآدم- عليه السّلام-، ثم قال لسائر والخلق كن فكان.

وعنده أيضا عن ميسرة قال: إن الله لم يمس شيئا من خلقه غير ثلاث:

خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده.

فجنة عدن أعلى الجنان وسيدتها، وهى قصبة الجنة، وفيها الكثيب الذى تقع فيه الرؤية، وعليها تدور ثمانية أسوار بين كل سورين جنة، فالتى تلى جنة عدن من الجنان جنة الفردوس، وأصله البستان، وهى أوسط الجنان التى دون جنة عدن وأفضلها ثم جنة الخلد، ثم جنة النعيم، ثم جنة المأوى، وهى التى يأوى إليها جبريل والملائكة. وعن مقاتل: تأوى إليها أرواح الشهداء، ثم دار السلام، لأنها دار السلام من كل مكروه، ثم دار المقامة.

واعلم أن للجنة أسماء عديدة باعتبار صفاتها، ومسماها واحد باعتبار ذاتها، فهى مترادفة من هذا الوجه، ومختلفة باعتبار صفاتها، فاسم الجنة هو الاسم العام المتناول لتلك الذوات وما اشتملت عليه من أنواع النعيم والسرور وقرة العين، وهذه اللفظة مشتقة من الستر، ومنه سمى البستان جنة لأنه يستر داخله بالأشجار، والجنان كثيرة جدّا، كما قال- صلى الله عليه وسلم- لأم حارثة لما قتل ببدر، وقد قالت: يا رسول الله ألا تحدثنى عن حارثة، فإن كان فى الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت فى البكاء عليه، فقال: «يا أم حارثة، إنها جنان فى الجنة، وإن ابنك قد أصاب الفردوس الأعلى» «٢» . وقال تعالى:

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «٣» فذكرهما ثم قال: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ «٤»


(١) أخرجه الديلمى عن الحارث بن نوفل، كما فى «كنز العمال» (١٥١٣٨) .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٨٠٩) فى الجهاد والسير، باب: من أتاه سهم غرب فقتله. من حديث أم حارثة- رضى الله عنها-.
(٣) سورة الرحمن: ٤٦.
(٤) سورة الرحمن: ٦٢.