أى فهذه أربع» ، وقال- صلى الله عليه وسلم-: «من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما» . رواه الشيخان من حديث أبى موسى الأشعرى.
وقد قسم بعضهم الجنان بالنسبة إلى الداخلين فيها ثلاثة:
اختصاص إلهى وهى التى يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، ومن أهلها أهل الفترات، ومن لم تصل إليه دعوة رسول.
والجنة الثانية: جنة ميراث، ينالها كل من دخل الجنة من المؤمنين، وهى الأماكن التى كانت معينة لأهل النار لو دخلوها.
والجنة الثالثة: جنة الأعمال، وهى التى ينزل الناس فيها بأعمالهم، فمن كان أفضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة أكثر. وسواء كان الفاضل دون المفضول أو لم يكن، غير أن فضله فى هذا المقام لهذه الحالة، فما من عمل من الأعمال إلا وله جنة، ويقع التفاضل فيها بين أصحابها بحسب ما تقتضى أحوالهم. قال- صلى الله عليه وسلم-: «يا بلال، بم سبقتنى إلى الجنة» الحديث، فعلم أنها كانت جنة مخصوصة، فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم إلا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص، يناله من دخلها، وقد يجمع الواحد من الناس فى الزمان الواحد أعمالا من العبادات فيؤجر فى الزمان الواحد من وجوه كثيرة، فيفضل غيره ممن ليس له ذلك.
فقد تبين أن نيل المنازل والدرجات فى الجنات بالأعمال، وأما الدخول فلا يكون إلا برحمة الله تعالى، كما فى البخارى ومسلم من حديث عائشة، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:«لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمته»«١» أى يلبسنيها ويسترنى بها، مأخوذ من غمد السيف وهو غلافه.
وعند الإمام أحمد، بإسناد حسن، من حديث أبى سعيد الخدرى: «لن
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٥٦٧٣) فى المرض، باب: تمنى المريض الموت، ومسلم (٢٨١٦) فى صفة القيامة والجنة والنار، باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.