للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن تكليف وإلزام، وإنما هو عن تيسير وإلهام، ووجه التشبيه أن تنفس الإنسان لا بد له منه ولا كلفة ولا مشقة فى فعله، وكذلك يكون ذكر الله تعالى على ألسنة أهل الجنة. وسر ذلك أن قلوبهم قد تنورت بمعرفته، وأبصارهم قد تمتعت برؤيته، وقد غمرتهم سوابغ نعمته، وامتلأت أفئدتهم بمحبته ومخاللته، فألسنتهم ملازمة لذكره، وقد أخبر تعالى عن شأنهم فى ذلك بقوله تعالى فى كتابه العزيز: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ «١» وقوله تعالى:

دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «٢» ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

قال مؤلفه وجامعه أحمد بن الخطيب القسطلانى- عامله الله بما يليق بكرمه-: فهذا آخر ما جرى به قلم المدد، من هذه المواهب اللدنية، وسطرته يد الفيض من المنح المحمدية، وذلك وإن كثر لقليل فى جنب شرفه الشامخ، ويسير مما أكرمه الله به من فضله الراسخ، ولو تتبعنا ما منحه الله به من مواهبه، وشرفه به من مناقبه، لما وسعت بعض بعضه الدفاتر، وكلّت دون مرماه الأقلام وجفت المحابر، وضاقت عن جمعه الكتب، وعجزت عن حمله النجب.

وعلى تفنن واصفيه لحسنه ... يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف

وإلى الله أضرع أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، مخلصا من شوائب الرياء، ودواعى التعظيم، وأن ينفعنى به والمسلمين والمسلمات فى المحيا وبعد الممات، سائلا من وقف عليه من فاضل أنار الله بصيرته، وجبل على الإنصاف سريرته، أن يصلح بحلمه عثارى وزللى، ويسد بسداد فضله خطئى وخللى، فالكريم يقيل العثار، ويقبل الاعتذار، خصوصا عذر مثلى، مع


(١) سورة الزمر: ٧٤.
(٢) سورة يونس: ١٠.