مجالد عن عون بن عبد الله قال: ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى كتب وقرأ.
قال مجالد: فذكرته للشعبى فقال صدق، قد سمعت من يذكر ذلك.
وقال القاضى عياض: وردت آثار تدل على معرفته حروف الخط وحسن تصويرها، كقوله لكاتبه: ضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك، وقوله لمعاوية:
ألق الدواة وحرف القلم وفرق السين ولا تعور الميم إلى غير ذلك. قال: وهذا وإن لم يثبت أنه كتب فلا يبعد أن يرزق علم وضع الكتابة، إنه أوتى علم كل شىء.
وأجاب الجمهور. بضعف هذه الأحاديث. وعن قصة الحديبية: بأن القصة واحدة، والكتاب فيها على بن أبى طالب، وقد صرح فى حديث المسور بن مخرمة بأن عليّا هو الذى كتب فيحمل على أن النكتة فى قوله «فأخذ الكتاب، وليس يحسن يكتب» لبيان أن قوله «أرنى إياها» أنه إنما احتاج إلى أن يريه موضع الكلمة التى امتنع على من محوها إلا لكونه كان لا يحسن الكتابة.
وعلى أن قوله بعد ذلك «فكتب» فيه حذف تقديره: فمحاها فأعادها لعلى فكتب: أو أطلق «كتب» بمعنى: أمر بالكتابة، وهو كثير، كقوله: كتب إلى كسرى وقيصر.
وعلى تقدير حمله على ظاهره، فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف فى ذلك اليوم- وهو لا يحسن الكتابة- أن يصير عالما بالكتابة، ويخرج عن كونه أميّا، فإن كثيرا ممن لا يحسن الكتابة يعرف صور بعض الكلمات، ويحسن وضعها بيده، وخصوصا الأسماء، ولا يخرج بذلك عن كونه أميّا ككثير من الملوك.
ويحتمل أن يكون جرت يده بالكتابة حينئذ، وهو لا يحسنها، فخرج المكتوب على وفق المراد، فيكون معجزة أخرى فى ذلك الوقت خاصة، ولا يخرج بذلك عن كونه أميّا. وبهذا أجاب أبو جعفر السمنانى أحد أئمة الأصول من الأشاعرة وتبعه ابن الجوزى.