للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعقب ذلك السهيلى وغيره:

بأن هذا وإن كان ممكنا، ويكون آية أخرى لكنه يناقض كونه أميّا لا يكتب، وهى الآية التى قامت بها الحجة، وأفحم الجاحد، وانحسمت الشبهة، فلو جاز أن يصير يكتب بعد ذلك لعادت الشبهة، وقال المعاند: كان يحسن يكتب لكنه كان يكتم ذلك.

قال السهيلى: والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضا، والحق: أن معنى قوله «فكتب» أمر عليّا أن يكتب انتهى.

قال: وفى دعوى أن كتابة اسمه الشريف فقط على هذه الصورة تستلزم مناقضة المعجزة، وتثبت كونه غير أمى نظر كبير، والله أعلم، انتهى «١» .

وأما قول: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم وقوله: أما الرحمن فو الله ما أدرى ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم. إلخ.

فقال العلماء: وافقهم- صلى الله عليه وسلم- فى ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وكتب: باسمك اللهم، وكذا وافقهم فى محمد بن عبد الله، وترك كتابة رسول الله للمصلحة المهمة الحاصلة بالصلح.

مع أنه لا مفسدة فى هذه الأمور: أما البسملة وباسمك اللهم فمعناهما واحد، وكذا قوله: محمد بن عبد الله، هو أيضا رسوله، وليس فى ترك وصف الله تعالى فى هذا الموضع بالرحمن الرحيم ما ينفى ذلك، ولا فى ترك وصفه- صلى الله عليه وسلم- عنا بالرسالة ما ينفيها، فلا مفسدة فيما طلبوه، وإنما كانت المفسدة تكون لو طلبوا أن يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم ونحو ذلك.

انتهى.

(قال فى رواية البخارى: فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله.

فقال- صلى الله عليه وسلم-: «على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به» .


(١) قاله الحافظ فى «الفتح» (٧/ ٥٠٣- ٥٠٤) .