للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة. ولكن ذلك فى العام المقبل، فكتب.

فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل- وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا.

قال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟) «١» .

والضغطة: بالضم، قال فى القاموس: الضيق والإكراه والشدة.

انتهى.

فإن قلت: ما الحكمة فى كونه- صلى الله عليه وسلم- وافق سهيلا على أنه لا يأتيه منهم رجل وإن كان على دين الإسلام إلا ويرده إلى المشركين.

فالجواب: أن المصلحة المترتبة على إتمام هذا الصلح ما ظهر من ثمراته الباهرة، وفوائده المتظاهرة التى كانت عاقبتها فتح مكة وإسلام أهلها كلهم، ودخول الناس فى دين الله أفواجا.

وذلك أنهم قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين، ولا تتظاهر عندهم أمور النبى- صلى الله عليه وسلم- كما هى، ولا يخلون بمن يعلمهم بها مفصلة، فلما حصل صلح الحديبية اختلطوا بالمسلمين، وجاؤا إلى المدينة، وذهب المسلمون إلى مكة، وخلوا بأهلهم وأصدقائهم وغيرهم ممن يستنصحونه، وسمعوا منهم أحوال النبى- صلى الله عليه وسلم- ومعجزاته الظاهرة، وأعلام نبوته المتظاهرة، وحسن سيرته، وجميل طريقته، وعاينوا بأنفسهم كثيرا من ذلك، فمالت نفوسهم إلى الإيمان، حتى بادر خلق منهم إلى الإسلام، قبل فتح مكة، فأسلموا بين صلح الحديبية وفتح مكة، وازداد الآخرون ميلا إلى الإسلام.

فلما كان يوم الفتح أسلموا كلهم، لما كان قد تمهد لهم من الميل.

وكانت العرب من غير قريش فى البوادى ينتظرون بإسلامهم إسلام


(١) صحيح: وهى عند البخارى برقم (٢٣٧١) وقد تقدم.