للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريش، فلما أسلمت قريش أسلمت العرب فى البوادى. قال الله تعالى إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً «١» . فالله ورسوله أعلم. انتهى.

قال فى رواية البخارى: (فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل ابن عمرو يرسف فى قيوده، قد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين.

فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلىّ.

فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إنا لم نقض الكتاب بعد» .

قال: فو الله إذا لا أصالحك على شىء أبدا.

قال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «فأجزه لى» ، قال ما أنا بمجيز ذلك.

قال: «بلى فافعل» . قال: ما أنا بفاعل.

قال مكرز: قد أجزناه لك.

قال أبو جندل: أى معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب فى الله عذابا شديدا) «٢» .

زاد ابن إسحاق: فقال- صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا جندل اصبر واحتسب، فإنا لا نغدر، وإن الله جاعل لك فرجا ومخرجا» . ووثب عمر يمشى إلى جنبه ويقول: اصبر إنما هم المشركون، وإن دم أحدهم كدم كلب.

قال الخطابى: تأول العلماء ما وقع فى قصة أبى جندل على وجهين:

أحدهما: أن الله تعالى قد أباح التقية للمسلم إذا خاف الهلاك، ورخص له أن يتكلم بالكفر مع إضمار الإيمان إن لم يمكنه التوراة، فلم يكن رده إليهم إسلاما لأبى جندل إلى الهلاك، مع وجود السبيل إلى الخلاص من الموت بالتقية.


(١) سورة النصر: ١، ٢.
(٢) انظر المصدر السابق.