للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعثه- صلى الله عليه وسلم- لما رجع من هدم العزى، وهو- صلى الله عليه وسلم- مقيم بمكة، وبعث معه ثلاثمائة وخمسين رجلا، داعيا إلى الإسلام لا مقاتلا، فلما انتهى إليهم قال: ما أنتم قالوا: مسلمين قد صلينا وصدقنا بمحمد، وبنينا المساجد فى ساحاتنا.

وفى البخارى: لم يحسنوا أن يقولوا ذلك فقالوا صبأنا فقال لهم:

استأسروا فاستأسر القوم، فأمر بعضهم فكتف بعضا، وفرقهم فى أصحابه، فلما كان السحر، نادى منادى خالد: من كان معه أسير فليقتله، فقتلت بنو سليم من كان بأيديهم، وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم.

فبلغ ذلك النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال: «اللهم إنى أبرأ إليك من فعل خالد» «١» . وبعث عليّا فودى قتلاهم.

قال الخطابى: يحتمل أن يكون نقم عليهم العدول عن لفظ الإسلام، لأنه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى الدين، فقتلهم متأولا، وأنكر- صلى الله عليه وسلم- العجلة وترك التثبت فى أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم صبأنا.

ثم غزا- صلى الله عليه وسلم- حنينا «٢» - بالتصغير- وهو واد قرب ذى المجاز، وقيل:

ماء بينه وبين مكة ثلاث ليال، قرب الطائف، وتسمى غزوة هوازن.

وذلك أن النبى- صلى الله عليه وسلم- لما فرغ من فتح مكة وتمهيدها، وأسلم عامة أهلها مشت أشراف هوازن وثقيف بعضهم إلى بعض، وحشدوا وقصدوا محاربة المسلمين، وكان رئيسهم مالك بن عوف النصرى «٣» .


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٢٢٩) فى المغازى، باب: بعث النبى- رضى الله عنه- خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة، من حديث عبد الله بن عمر- رضى الله عنهما-.
(٢) انظر هذه الغزوة فى «السيرة النبوية» لابن هشام (٢/ ٤٣٧- ٥٠٠) ، و «الطبقات الكبرى» لابن سعد (٢/ ١٤٩- ١٥٨) ، والطبرى فى «تاريخه» (٣/ ١٢٥) ، وابن كثير فى «البداية والنهاية» (٣/ ٦١٠- ٦٥١) ، وابن القيم فى «زاد المعاد» (٣/ ٤٦٥- ٤٧٦) ، و «شرح المواهب» للزرقانى (٣/ ٥- ٢٨) .
(٣) بالصاد المهملة، نسبة إلى جده الأعلى نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، أما مالك نفسه فقد أسلم، وكان من المؤلفة، وصحب ثم شهد القادسية وفتح دمشق.