فخرج إليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من مكة يوم السبت لست ليال خلون من شوال، فى اثنى عشر ألفا من المسلمين. عشرة آلاف من أهل المدينة وألفان ممن أسلم من أهل مكة. وهم الطلقاء، يعنى: الذين خلى عنهم يوم فتح مكة وأطلقهم فلم يسترقهم، وأحدهم طليق- فعيل بمعنى مفعول- وهو الأسير إذا أطلق سبيله.
واستعمل- صلى الله عليه وسلم- على مكة عتاب بن أسيد. وخرج معه- صلى الله عليه وسلم- ثمانون من المشركين، منهم صفوان بن أمية، وكان- صلى الله عليه وسلم- استعار منه مائة درع بأداتها، فوصل إلى حنين ليلة الثلاثاء لعشر ليال خلون من شوال.
فبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر يأتونه بخبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-، فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم من الرعب.
ووجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن أبى حدرد الأسلمى، فدخل عسكرهم، فطاف به وجاء بخبرهم.
وفى حديث سهل بن الحنظلية- عند أبى داود بإسناد حسن- أنهم ساروا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأطنبوا السير، فجاء رجل فقال: إنى انطلقت من بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن عن بكرة أبيهم، بظعنهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم النبى- صلى الله عليه وسلم- وقال:«تلك غنيمة المسلمين غدا، إن شاء الله تعالى» .. «١» .
وقوله عن بكرة أبيهم: كلمة للعرب، يريدون بها الكثرة وتوفر العدد، وليس هناك بكرة فى الحقيقة، وهى التى يستقى عليها الماء، فاستعيرت هنا.
(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٥٠١) فى الجهاد، باب: فى فضل الحرس فى سبيل الله تعالى، والنسائى فى «الكبرى» (٨٨٧٠) ، والحاكم فى «المستدرك» (٢/ ٩٣) ، والبيهقى فى «السنن الكبرى» (٩/ ١٤٩) ، وفى «الدلائل» (٥/ ١٢٥- ١٢٦) ، والطبرانى فى «الكبير» (٦/ ٩٦) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .