للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما «الناشر» فسمى به لأنه نشر الإسلام وأظهر شرائع الأحكام.

وأما «المزمل» فأصله المتزمل، فأدغمت التاء فى الزاى وسمى به، لما روى أنه- عليه الصلاة والسلام- كان يفرق من جبريل ويتزمل بالثياب أول ما جاءه، وقيل: أتاه وهو فى قطيفة، وقال السدى معناه، يا أيها النائم، قال:

وكان متلفقا فى ثياب نومه، وعن ابن عباس: يعنى المتزمل بالقرآن، وعن عكرمة بالنبوة.

وقيل من الزمل، بمعنى الحمل، ومنه الزاملة، أى: المتحمل بأعباء النبوة، وعلى هذا يكون التزمل مجازا.

وقال السهيلى: ليس «المزمل» باسم من أسمائه يعرف به، وإنما هو مشتق من حالته التى كان التبس بها حالة الخطاب، والعرب إذا قصدت الملاطفة، بالمخاطب بترك المعاتبة نادوه باسم مشتق من حالته التى هو عليها، كقول النبى- صلى الله عليه وسلم- لعلى- رضى الله عنه- وقد نام ولصق جنبه بالتراب- قم أبا تراب إشعارا بأنه ملاطف له، فقوله: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ «١» فيه تأنيس وملاطفة.

وأما ما روى عن عائشة أنها قالت: كان متزملا مرطا طوله أربعة عشر ذراعا، نصفه على وأنا نائمة ونصفه عليه، فكذب صراح، لأن نزول يا أيها المزمل بمكة فى أول مبعثه، ودخوله بعائشة كان بالمدينة.

وأما «المدثر» فأصله: المتدثر، فأدغمت التاء فى الدال. روى أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «كنت بحراء فنوديت فنظرت عن يمينى وشمالى. فلم أر شيئا فنظرت فوقى فإذا هو على عرش بين السماء والأرض» - يعنى الملك الذى ناداه- «فرعبت فرجعت إلى خديجة فقلت دثرونى دثرونى» ، فنزل جبريل وقال: يا أيها المدثر «٢» . وعن عكرمة: يا أيها المدثر بالنبوة وأثقالها قد تدثرت هذا الأمر فقم به.


(١) سورة المزمل: ١.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٤٩٢٢) فى التفسير، باب: سورة المدثر، ومسلم (١٦١) فى الإيمان، باب: بدء الوحى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، من حديث جابر- رضى الله عنه-.