للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ابن فارس فى كتابه «فى أسماء النبى- صلى الله عليه وسلم-» أنه فى يوم حنين جاءت امرأة فأنشدت شعرا تذكره أيام رضاعته فى هوازن فرد عليهم ما أخذ وأعطاهم عطاء كثيرا حتى قوّم ما أعطاهم ذلك اليوم فكان خمسمائة ألف ألف. قال ابن دحية: وهذا نهاية الجود الذى لم يسمع بمثله فى الوجود.

وفى البخارى من حديث أنس: أنه أتى بمال من البحرين فقال:

«انثروه» - يعنى صبوه- فى المسجد، وكان أكثر مال أتى به النبى- صلى الله عليه وسلم-، فخرج إلى المسجد ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس فقال: أعطنى، فإنى فاديت نفسى وفاديت عقيلا، فقال له «خذ» ، فحثا فى ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه إلى، قال: لا، قال: فارفعه أنت على، قال: لا، فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يستطع فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه على، قال: لا، قال: فارفعه أنت قال: لا، ثم نثر منه ثم احتمله فألقاه على كاهله فانطلق، فما زال النبى- صلى الله عليه وسلم- يتبعه بصره حتى خفى علينا من حرصه، فما قام- صلى الله عليه وسلم- وثم منها درهم «١» .

وفى رواية ابن أبى شيبة من طريق حميد بن هلال مرسلا: كان مائة ألف، وأنه أرسل به العلاء بن الحضرمى من خراج البحرين، قال: وهو أول مال حمل إليه- صلى الله عليه وسلم-.

وسايره جابر على حمل له، فقال له- صلى الله عليه وسلم-: «بعنى جملك» فقال:

هو لك يا رسول الله، بأبى أنت وأمى، فقال: «بل بعنيه» فباعه إياه وأمر بلالا أن ينقده ثمنه فنقده، ثم قال- صلى الله عليه وسلم-: «اذهب بالثمن والجمل بارك الله فيهما» «٢» . مكافأة لقوله: هو لك، فأعطاه الثمن ورد عليه الجمل وزاده الدعاء بالبركة فيهما. وحديثه فى البخارى ومسلم وغيرهما.


(١) صحيح: أخرجه البخارى فى المساجد، باب: القسمة وتعليق القنو فى المسجد تعليقا.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٧١٨) فى الشروط، باب: إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، ومسلم (٧١٥) فى المساقاة، باب: بيع البعير واستثناء ركوبه.