كالناطق، لأن مجموعهم محفوظ عن الإغضاء على الباطل، وعلى تقدير أن يوجد من بعضهم إنكار أو طعن على بعض من روى شيئا من ذلك فإنما هو من جهة توقف فى صدق الراوى أو تهمته بكذب، أو توقف فى ضبطه أو نسبته إلى سوء الحفظ، أو جواز الغلط، ولا يوجد أحد منهم طعن فى المروى، كما وجد منهم فى غير هذا الفن من الأحكام وحروف القرآن ونحو ذلك والله أعلم.
وأنت إذا تأملت معجزاته وباهر آياته وكراماته- صلى الله عليه وسلم- وجدتها شاملة للعلوى والسفلى، والصامت والناطق، والساكن والمتحرك، والمائع والجامد، والسابق واللاحق، والغائب والحاضر، والباطن والظاهر، والعاجل والآجل، إلى غير ذلك، مما لو عد لطال، كالرمى بالشهب الثواقب، ومنع الشياطين من استراق السمع فى الغياهب، وتسليم الحجر والشجر عليه، وشهادتها له بالرسالة بين يديه، ومخاطبتها له بالسيادة، وحنين الجذع، ونبع الماء من كفه فى الميضأة والتور والمزادة، وانشقاق القمر، ورد العين من العور، ونطق البعير والذئب والجمل، وكالنور المتوارث من آدم إلى جبهة أبيه من الأزل، وما سوى ذلك من المعجزات التى تداولتها الحملة، ونقلتها عن الألسنة الأول النقلة، مما لو أعملنا أنفسنا فى حصرها لفنى المداد فى ذكرها. ولو بالغ الأولون والآخرون فى إحصاء مناقبه لعجزوا عن استقصاء ما حباه الكريم به من مواهبه، ولكن الملم بساحل بحرها مقصرا عن- حصر بعض فخرها، ولقد صح لبعض محبيه أن ينشدوا فيه:
وعلى تفنن واصفيه لنعته ... يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف
وأنه لخليق بمن ينشد:
فما بلغت كف امرئ متناولا ... من المجد إلا والذى نال أطول
ولا بلغ المهدون فى القول مدحه ... ولو حذقوا إلا الذى فيه أفضل
ولله در إمام العارفين سيدى محمد وفا فلقد كفى وشفى بقوله: