للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجليت جل الله فى وجه آدم ... فصلى له الأملاك حين توسلوا

وعن أبى عثمان الواعظ، فيما حكاه الفاكهانى قال: سمعت الإمام سهل بن محمد يقول: هذا التشريف الذى شرف الله تعالى به محمدا بقوله:

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ «١» الآية، أتم وأجمع من تشريف آدم- عليه السّلام- بأمر الملائكة له بالسجود، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة فى ذلك التشريف، فتشريف يصدر عنه تعالى وعن الملائكة والمؤمنين أبلغ من تشريف تختص به الملائكة، انتهى.

قال بعضهم: وأما تعليم آدم أسماء كل شىء، فأخرج الديلمى فى مسند الفردوس من حديث أبى رافع قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «مثلت لى أمتى فى الماء والطين، وعلمت الأسماء كلها كما علم آدم الأسماء كلها» «٢» فكما أن آدم علم أسماء العلوم كلها كذلك نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وزاد عليه- واصل الله صلاته وسلامه عليه- بعلم ذواتها. ولله در الأبوصيرى حيث قال:

لك ذات العلوم من عالم الغي ... ب ومنها لآدم الأسماء

ولا ريب أن المسميات أعلى رتبة من الأسماء، لأن الأسماء يؤتى بها لتبين المسميات، فهى المقصودة بالذات، وإليه الإيماء بقوله: «ذات العلوم» ، والأسماء مقصودة لغيرها فهى دونها، ففضل العالم بحسب فضل معلومه.

* وأما إدريس- عليه السّلام-، فرفعه الله مكانا عليّا، فأعطى سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- المعراج، ورفع إلى مكان لم يرفع إليه غيره.

* وأما نوح- عليه السّلام- فنجاه الله تعالى ومن آمن معه من الغرق ونجاه من الخسف، فأعطى سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- أنه لم تهلك أمته بعذاب من السماء، قال الله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ «٣» .

وأما قول الفخر الرازى فى تفسيره: «أكرم الله نوحا بأن أمسك سفينته


(١) سورة الأحزاب: ٥٦.
(٢) ضعيف: أخرجه الديلمى، كما فى «كنز العمال» (٣٤٥٨٨) .
(٣) سورة الأنفال: ٣٣.