للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الماء وفعل بمحمد- صلى الله عليه وسلم- أعظم منه. روى أنه- صلى الله عليه وسلم- كان على شط ماء وقعد عكرمة بن أبى جهل فقال: إن كنت صادقا فادع ذلك الحجر الذى فى الجانب الآخر فليسبح ولا يغرق، فأشار إليه- صلى الله عليه وسلم- فانقلع الحجر من مكانه وسبح حتى صار بين يدى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وشهد له بالرسالة، فقال له النبى- صلى الله عليه وسلم-: «يكفيك هذا؟» فقال: حتى يرجع إلى مكانه» فلم أره لغيره والله أعلم بحاله.

* وأما إبراهيم الخليل- عليه الصلاة والسلام- فكانت عليه نار نمروذ بردا وسلاما، فأعطى سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- نظير ذلك، إطفاء نار الحرب عنه- صلى الله عليه وسلم- وناهيك بنار حطبها السيوف ووهجها الحتوف وموقدها الحسد ومطلبها الروح والجسد، قال الله تعالى: كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ «١» .

فكم أرادوا أن يطفئوا النور بالنار، وأبى الجبار إلا أن يتم نوره وأن يخمد شرورهم ويحمد لمحمد- صلى الله عليه وسلم- سروره وظهوره.

ويذكر أنه- صلى الله عليه وسلم- مر ليلة المعراج على بحر النار الذى دون سماء الدنيا مع سلامته منه، كما روى مما رأيته فى بعض الكتب. وروى النسائى أن محمد بن حاطب قال: كنت طفلا فانصب القدر على واحترق جلدى كله، فحملنى أبى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتفل- صلى الله عليه وسلم- فى جلدى ومسح بيده على المحترق وقال: «أذهب البأس رب الناس» ، فصرت صحيحا لا بأس بى «٢» .

وأما ما أعطيه إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- من مقام الخلة فقد أعطيه نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وزاد بمقام المحبة. وقد روى فى حديث الشفاعة أن الخليل إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- إذا قيل له: اتخذك الله خليلا فاشفع لنا قال:

«إنما كنت خليلا من وراء وراء» اذهبوا إلى غيرى إلى أن تنتهى الشفاعة إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- فيقول: «أنا لها، أنا لها» «٣» وهذا يدل على أن نبينا- صلى الله عليه وسلم- كان


(١) سورة المائدة: ٦٤.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٩٥) فى الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من حديث حذيفة- رضى الله عنه-.