للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأتقن القضية في رجوع ملك التتار عن البلاد الشامية (١)، سنة ثنتي عشرة كما تقدَّم، وكان يناصح الإسلام، ولكن قد نال منه خلقٌ كثير من النَّاس واتهموه على الدين وتكلموا في تفسيره هذا، ولا شك أنه كان مخبِّطًا مخلِّطًا، وليس لديه علم نافع، [ولا عمل صالح] (٢). ولما تولى أبو سعيد المملكة عزله وبقي مدة مدة خاملًا، ثم استدعاه جُوْبَان وقال له: أنت سقيت السلطان خَرْبَندا سُمًّا؟ فقال له: أنا كنت (٣) في غاية الحقارة والمذلّة، فصرت في أيامه في غاية العظمة والعزة، فكيف أعمد إلى سقيه والحالة هذه؟ فأحضرت الأطبّاء فذكروا صورة مرض خَرْبَنْدا وصفته، وأن الرشيد أشار بإسهاله لما عنده في باطنه من الحواصل، فانطلق باطنه نحوًا من سبعين مجلسًا، فمات بذلك على وجه أنَّه أخطأ في الطب. فقال: فأنت إذا قتلته، فقتله وولده إبراهيم، واحتيط على حواصله وأمواله، فبلغت شيئًا كثيرًا، وقطعت أعضاؤُه وحمل كل جزء منها إلى بلدة، ونودي على رأسه بتبريز: هذا رأسُ اليهودي الذي بدل كلام الله لعنه الله، ثم أُحرقت جثته، وكان القائم عليه علي شاه (٤).

وفي هذا الشهر - أغني جُمادى الأولى - تولى قضاء المالكية بمصر تقي الدين الإخنائي (٥) عوضًا عن زين الدين بن مخلوف توفي عن أربع وثمانين سنة، وله في الحكم ثلاث وثلاثون سنة.

وفي يوم الخميس عاشر رجب لبس صلاح الدين يوسف بن الملك الأوحد خلعة الإمرة بمرسوم السلطان (٦).

وفي آخر رجب جاء سيلٌ عظيم بظاهر حمصَ خرَّب شيئًا كثيرًا، وجاء إلى البلد ليدخلها فمنعه الخندق.

وفي شعبانَ تكامل بناء الجامع الذي عمره تنكز ظاهر باب النصر، وأقيمت الجمعة فيه يوم عاشر شعبان، وخطب فيه الشيخ نجم الدين علي بن داود بن يحيى الحنفي المعروف بالقحفازي (٧)، من مشاهير الفضلاء ذوي الفنون المتعدّدة، وحضر نائب السلطنة والقضاة والأعيان والقراء والمنشدون، وكان يومًا مشهودًا.

وفي يوم الجمعة التي يليها خُطب بجامع القبيبات الذي أنشأه كريم الدين وكيل السلطان، وحضر فيه


(١) ليست في.
(٢) ليست في.
(٣) ليست في ب.
(٤) هو: علي شاه الوزير. الدرر الكامنة (٣/ ٢٣٢) وفيه الخبر.
(٥) هو محمد بن أبي بكر الإخنائي بن بدران. مات سنة (٧٥٠ هـ).
(٦) هو: يوسف بن شادي بن داود، مات سنة (٧٤١ هـ) الدرر الكامنة (٤/ ٤٥٦).
(٧) في ط: الفقجازي. وسيأتي في وفيات سنة (٧٤٥ هـ).

<<  <   >  >>