للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطُولب الشَّيخُ بهاء الدين السُّبكي ببعض ما دخل تحتَ يده من الأموال التي التمسها فيما ذكروا بغير حقٍّ، فوزن بعضُها أربعةَ آلافِ درهم، وظهرَ عليه بأنّه باع مُرتّبًا كان لابنه أبي حاتم في كلِّ شهرٍ مئتين وستين درهمًا، فمات أبو حاتم، ثم باعوا المرتّب بعد موت الصّبي بسنة بعشرة آلاف درهم فيما ذكر، فرجع ديوان الجامع على [المُشْتري] (١) بالعشْرة آلاف، وحكمُوا له على الشيخ بهاء الدين بها.

كائنةٌ غريبةٌ (٢)

اجتمع القضاة إلا الحنبليَّ بدار السعادة في قاعة الدّوادار، وأُحضر قاضي القضاة تاجُ الدين السُّبكي وأخوه الشيخ بهاء الدين، فتكلَّموا معهما فيما يتعلّق بصرف أموال المجاهدين، فراجعوا الكلام وانتشر؛ فبدت من قاضي القضاة تاج الدين السُّبكي كلمةُ طالحةٌ، قال في غُبُون (٣) كلام: (فَبَطُل دينُ الإسلام).

فبَدَرَ إليه بعضُ الحاضرين عندهم وهو شمس الدّين محمد الفرَّاء والمحدِّث، وهو ابن أخت ابن الرُّهاوي المتعصّب فقال له: كَفَرْتَ، وتعلَّق في أطواقه مع بعض لحيتِهِ وجذبَهُ جذبةً شديدةً بحيث سقط [إلى] (٤) الأرض على وجهه، وتكلَّم القضاةُ في التّكفير، فمنهم من صمّم على ذلك، ومنهم من توقّف، فطفِقَ القاضي تاج الدين السُّبكي يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، وتعلّق في قاضي [القضاة] (٥) سراج الدين البُلقيني الشافعي يسألُهُ الحكمَ بإسلامه، فتوقّف في ذلك، ثم اتّفق القضاةُ على الكفِّ في ذلك، ورُفع القاضي تاجُ الدّين من يومه إلى القلعة مُعتقلًا بها بعدَ اجتماع القضاة بنائب السّلطنة وإعلامه بما وقع. وحكموا بين يديه بما حكمَ القاضي جمالُ الدِّين المَرْداوي في سنة ستٍّ وستين وسبعمئة من التّفسيق (٦)، وشهدَ جماعةٌ آخرون باستمراره على فسقه إلى حين عزْله، وحكموا عليه بالمُوجب، وهو تغريمه الأموالَ التي دخلت تحتَ يدِهِ، وادَّعى صرفها فيما رآه. وكاتبوا في ذلك إلى الدّيار المصريّة.

ثم بعد أيام ظهرَ لقاضي القضاة أنّ القاضي صلاح الدين بنُ مُنجَّى نائب الحنبلي قد حَكَم بإسلام القاضي تاج الدين السُّبكي ممّا [رَفَعَ] (٧) التَّعزير عنه، فطلبه قاضي القضاة سراج الدّين الشافعي فأنبَّه لكونه افتأت


(١) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٢) انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٣) هكذا في الأصل. وهو لفظ يستخدمه ابن كثير دائمًا، بمعنى: في أثناء.
(٤) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٥) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٦) على تاج الدين نفسه.
(٧) في الأصل: طمس قدر كلمة.

<<  <   >  >>