للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي شهر رجب كثر الخوف بدمشق وانتقل الناس من ظاهرها إلى داخلها، وسبب ذلك أنَّ السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ركب من الكَرَك قاصدًا دمشق يطلب عوده إلى الملك، وقد مالًاه جماعة من الأمراء وكاتبوه في الباطن وناصحوه، وقفز إليه جماعة من أمراء المصريين، وتحدَّث النَّاسُ بسفر نائب دمشق الأفرم إلى القاهرة، وأن يكون مع الجم الغفير، فاضطرب النّاسُ ولم تفتح أبواب البلد إلى ارتفاع النهار، وتخبطت الأمور، فاجتمع القضاة وكثير من الأمراء بالقصر وجددوا البيعة للملك المظفّر (١)، وفي آخر نهار السبت غلقت أبواب البلد بعد العصر وازدحم الناس بباب النصر وحصل لهم تعب عظيم، وازدحم البلد بأهل القرى وكثر الناس بالبلد، وجاء البريد بوصول الملك الناصر إلى الخمَّانِ (٢)، فانزعج نائبُ الشّام لذلك، وأظهر أنه يريد قتاله ومنعه من دخول البلد، وقفز إليه الأميران ركن الدين بيبرس المجنون (٣)، وبيبرس العلمي (٤)، وركب إليه الأمير سيف الدين يَكْتَمُر حاجب الحجاب يشير عليه بالرجوع، ويخبره بأنه لا طاقة له بقتال المصريين، ولحقه الأمير سيف الدين بهادر (٥) آص يشير عليه بمثل ذلك، ثم عاد إلى دمشق يوم الثلاثاء خامس رجب وأُخبر أن السلطان الملك الناصر قد عاد إلى الكرك، فسكن الناس ورجع نائب السلطنة إلى القصر، وتراجَعَ بعض الناس إلى مساكنهم، واستقروا بها.

صفة عود المُلْكِ إِلى المَلِكِ الناصر بن الملك المنصور قلاوون (٦)

وزوال دولة الملك المظفّر الجاشنكير بيبرس وخذلان شيخه نصر المنبجي الاتحادي الحلولي (٧).

لما كان ثالث عشر شعبان جاء الخبر بقدوم الملك الناصر إلى دمشق، فساق إليه الأميران سيف الدين قُطلُوبَك والحاج بهادر إلى الكَرَك، وحصّاه على المجيء إليها، واضطرب نائب دمشق وركب في جماعة من أتباعه على الهجن في سادس عشر شعبان ومعه ابن صُبح صاحب (٨) شَقِيفِ (٩) أَرْنُونَ، وهُيِّئت بدمشق


(١) في ب: لصاحب الملك المظفّر.
(٢) "الخَمَّان": من نواحي البثَنَيه من أرض الشام، وهي بين دمشق وأذرعات. ياقوت.
(٣) هو أحد الأمراء بدمشق مات سنة (٧١٥ هـ)
(٤) وفي الدرر الكامنة (١/ ٥٠٩): العلائي، وفاته سنة (٧١٢ هـ) بالكَرَك.
(٥) في ط: بهادر. وسيأتي في وفيات سنة (٧٣٠ هـ).
(٦) الخبر في: فوات الوفيات (٤/ ٣٥) والدرر الكامنة (٤/ ١٤٦) والنجوم الزاهرة (٨/ ٢٤٥) وبدائع الزهور (١/ ٤٣١).
(٧) ليست في ب
(٨) هكذا في ط وب وأ: "ابن صبح" وكذا هو في السلوك وعقد الجمان للعيني، ووقع في النجوم الزاهرة ٨/ ٢٦٥: صبيح بزيادة ياء، وما أثبتناه هو الأصوب إن شاء الله.
(٩) "الشَّقيف": كأمير: وهو كالكهف، أضيف إلى رجل رومي أو إفرنجي، وهو قلعة حصينة جدًّا في كهف من =

<<  <   >  >>