للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفاة الخطيب جمال الدين محمود (١) بن جملة ومباشرة قاضي القضاة تاج الدين بعده:

كانت وفاته يوم الإثنين بعد الظهر قريبًا من العصر، فصلى بالناس بالمحراب صلاة العصر قاضي القضاة تاج الدين السبكي الشافعي عوضًا عنه، وصلى بالناس الصبح أيضًا، وقرأ بآخر المائدة من قوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾ [المائدة: ١٠٩] ثم لما طلعت الشمس، وزال وقت الكراهة صُلِّي على الخطيب جمال الدين عند باب الخطابة، وكان الجمع في الجامع كثيرًا، وخرج بجنازته من باب البريد، وخرج معه طائفةٌ من العوام وغيرهم، وقد حضر جنازته بالصَّالحية على ما ذكر جم غفير وخلق كثير، ونال قاضي القضاة الشافعي من بعض الجهلة إساءة أدبٍ، فأُخذ جماعة وأدبُوا، وحضر هو بنفسه صلاة الظهر يومئذ، وكذا باشر الظهر والعصر في بقية الأيام، يأتي للجامع في محفل من الفقهاء والأعيان وغيرهم، ذهابًا وإيابًا، وخطب عنه يوم الجمعة الشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبداني وكذلك العيد، وامتنع تاج الدين من المباشرة، حتى يأتي التشريف.

وفي يوم الإثنين بعد العصر صُلِّي على الشيخ شهاب الدين أحمد (٢) بن عبد الرحمن (٣) البعلبكي، المعروف بابن النقيب، ودفن بالصوفية وقد قارب السبعين أو جاوزها. وكان بارعًا في القراءات والنحو والتصريف والعربية، وله يد في الفقه وغير ذلك، [وولّي مكانه مشيخة الإقراء بأمّ الصَّالح شمس الدين محمد بن اللَّبَّان (٤)، وبالتُّربة الأشرفية الشيخ أمين الدين عبد الوهاب بن السلَّار] (٥).

شهر شوال المبارك، أوّله الجمعة، وقدم نائب السلطنة من ناحية الرحبة وتدمر وفي صحبته الجيش الذين كانوا معه بسبب محاربته إلى أولاد مهنا وذويهم من الأعراب في يوم الأربعاء السادس منه.

وفي يوم السبت تاسعه جُمع القضاة والأعيان بدار السعادة وكتبوا خطوطهم بالرضا بخطابة قاضي القضاة تاج الدين السبكي بالجامع الأموي، وكاتب نائب السلطنة تولّى ذلك، واستمر يخطب بالناس في الجُمع القاضي بدر الدين بن وُهَيْبة، نائب الحكم له (٦).


(١) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٣٦٧) وطبقات الشافعية للسبكي (١٠/ ٣٨٥) والوفيات لابن رافع (٢/ ٢٦٥) وتاريخ ابن قاضي شهبة (٣/ ٢٤٠ - ٢٤٢) والدرر الكامنة (٤/ ٣٢٢) والذيل التام (١/ ١٩٨).
(٢) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٣٦٣) وطبقات الشافعية (٥/ ١٧٤) والوفيات لابن رافع (٢/ ٢٦٦) والدرر الكامنة (١/ ١١٥).
(٣) في ط: عبد الله. وأثبتنا ما في مصادر ترجمته.
واسم أبيه (بَلَبَان) كما في الذيل. ثم تسمّى بعبد الرحمن، وتسمّى جده بعبد الرحيم تفاديًا بذلك عن أسماء الموالي.
(٤) الدارس (١/ ٣٦٤) و (٢/ ٢٩٨).
(٥) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل واستدركته من ط.
(٦) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.

<<  <   >  >>