للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعدم الإفساد، وحَبَا الفريقين ثمانية آلاف درهم، وألزم قيسًا بغرامة ما كانوا أتلغوا لأولئك التراكمين من الأغنام سبعة الآلاف، أكثر ما كانوا انتهبوا.

وفي هذا اليوم قدم من الديار المصرية البريد يطلب بعض مباشري أوقاف الأسرى والحرمين والأسوار والبيمارستان النوري ليحرّر أمورهم، ويُصرف عنها بعض من هو مباشر فيها لكثرتهم.

شهر رجب الفرد، أوّله السبت، في أوائله كثرت المُنَادِيَةُ عن نائب السلطنة في أمر النّساء، وعدم خروجهن بعد العشاء، ومن الفرج، حتى ولا أسواق البيع والشراء إلّا لعجوزٍ أو عزباء، ولا يركبْن بين الرجال على الحُمُر، فجزاه الله خيرًا.

وقد أمر بالتخريج في أمر الخمور، فمن وُجد منهم عاقبه أشد العقوبة، وخرم أنفه كما قدّمنا؛ فارتدع بذلك خلقٌ من الفسقة، وانقطع جلب الخمر إلى البلد، وارتحل منها خلق من جهلة النساء والشباب، وبقية اللصوص والمقطعين أيضًا.

وجهز سريَّةً نحوًا من خمسمئة فارس إلى الأعراب من زبيد وغيرها، من جبل بني هلال ممّن أعان في العشير ونهب البلد، وأكثر الفساد، وأمر بقتل من وُجد منهم، ونهبِ أموالهم.

وقدم من الديار المصريّة أميرٌ على ولاية الولاة، يسمّى ابن أحمد، ويلقّب شَنْكلَ مَنْكل، فلبس الخلعة بدمشق، ثم خرج إلى حوران في صبيحة يوم الثلاثاء رابعه وقت السحر.

[عزل ابن جماعة عن القضاء بالديار المصرية]

جاءت الأخبار بعزل قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد ابن إبراهيم بن جماعة عن الديار المصرية في أواخر جمادى الآخرة بالشيخ بهاء الدين بن عقيل (١) أحد أئمة الشافعية بمصر، فحكم فيما بلغني يوم الخميس الثامن والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، وذكروا أن القاضي عز الدين استمرّ على وظائفه كلها ما عدا المنصب. وأنّه عُوّض عنه بألف درهم في كلّ شهر من الجوالي، وأنّه جاء لتهنئة ابن عقيل في يوم ولايته، ثم جاء ابن عقيل إليه إلى منزله، فجلس بين يديه وقال: أنا نائبك (٢).

وفي أواخر شهر رجب برز نائبُ السَّلطنة إلى الرَّبوة وأُحضِرَ القضاة وولاةُ الأمور ورُسم بإحضار المفتين - وكنت فيمن طلب يومئذ فركبتُ إليها (٣) - وكان نائب السلطنة قد عزم يومئذ على تخريب المنازل المبنيّة بالرَّبوة وغَلْق الحمَّام من أجل هذه فيما ذكر أنها بنيت ليُعصى فيها، وهذا الحمام أوساخُه صائرةٌ


(١) عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل، الطالبي البالسي الحلبي المصري النحوي. سيأتي في وفيات سنة ٧٦٩ هـ من هذا الكتاب.
(٢) ليست في أ و ب و ط، وهي في الأصل من قوله: فلمّا كان يوم الجمعة الأخرى الثاني والعشرين منه.
(٣) يعني ابن كثير نفسه.

<<  <   >  >>