للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعجوبة وغريبة (١)

وفي يومها، وهو يوم نظمت الأبيات المكتوبات، وهو يوم الإثنين السادس والعشرين من ربيعٍ الأول بعدَ العصر، وقفَ عليها قاضي القضاة تاجُ الدين السَّبكي الشافعي (٢)، فقرأ عليَّ بمقصورة الخطابة، فسألتُه أن يكتبَ معها شيئًا، فأخذ القلم وخطَّ، وأنا مشاهد في الساعة الرّاهنة ما صورته: "الحمدُ الله مباعد الأفراد في الإفرادِ إلا من تَبِعَ إمام أهل السُّنة والجماعة، ولا مدّ قلمه بالمِداد إلا من استمدَّ من محي الشَّريعة ما لا يكسد لسوقه بضاعة، ولمَّا رأيتُ قليلَ ابن كثيرٍ، ولا يُقال له: قليلٌ، وأبصرت من قَريضه ما يُسيءُ العدوَّ ويُقرُّ عينَ الخليل (٣)، وسمعت من الفاضل إمامِ الحديث ابن كثيرٍ (٤) ما شاقني سماعُه، وأحببْتُ الاقتداءَ بتالي ابن كثير؛ هذا إمام الحديث، وذاك إمامُ القراءات، وكلاهما المقتدى، إذا لحِق بكلِّ إمامٍ أتباعهُ (٥).

قلت [من الكامل]: (٦)

يا أيُّها الملك الذي عزماتُهُ … تَعْنُو لها أعداؤها وتسلِّمُ

[] (٧) العزيز المرتضى … عبد الرحيم لَهُ الإِلهُ يُسلِّمُ

و [] (٨) منه وبرّ يحيى … ويراكَ خيرَ أبٍ يرقُّ ويرحمُ

لا زلتُما في نِعْمَةٍ وسَعَادةٍ … ما سارَ في جوِّ السَّماءِ الأَنْجُمُ

ولقد أجزتُ له روايةَ كلِّ ما … أروي، وشرطُ رَوي الرِّواية يُعَلمُ

فله وعنِّي بالإجازة سالمًا … ولَهُ البخاري الصَّحيحُ ومسلمُ

وله روايةُ ما كتبتُ جميعِهُ … ورويْتُ، روّاه الإلهُ الأَعظمُ

كتبه عبد الوهاب بن السُّبكي الشافعي في سادس عشرين ربيع الأول، سنة ثمانٍ وستين (٩) وسبعمئة.


(١) لم يرد في المطبوع.
(٢) هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السُّبكي، تاج الدين، صاحب طبقات الشافعية، وسيأتي ذكره.
(٣) فيها تورية لطيفة. فالخليلُ: بمعنى الصّديق، والخليل بن أحمد الفراهيدي، مخترع فنِّ العروض، وهو المراد هنا.
(٤) ابن كثير هذا هو إسماعيل بن عمر مصنّف التاريخ.
(٥) والمراد بابن كثير هذا إمام القراءات، وهو عبد الله بن كثير المكّي، أبو معبد، إمام أهل مكة في القراءة. توفي سنة (١٢٠ هـ)، انظر غاية النهاية لابن الأثير ١/ ٤٤٣.
(٦) القائل التاج السّبكي.
(٧) في الأصل: بياض قدر كلمتين لم تتوجّه لي قراءتهما. ولم أقع على الأبيات في شيءٍ من المصادر.
(٨) في الأصل: بياض قدر كلمتين لم تتوجّه لي قراءتهما.
(٩) في الأصل: (ست) تحريف.

<<  <   >  >>