للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخرجت التجريدة ليلة الثلاثاء بعد العشاء صحبة ثلاثة مقدمين منهم عراق (١) ثم ابن صبح (٢) تم ابن طرغية، ودخل نائب طرابلس الأمير سيف الدين تُومان إلى دمشق صبيحة يوم الأربعاء، عاشر رمضان، فتلقاه ملك الأمراء سيف الدين بَيْدَمُر إلى القصير (٣) ودخلا معًا في أبهة عظيمة، فنزل تومان في القصر الأبلق، وبرز من معه من الجيوش إلى عند قبة يَلْبُغا، هذا والقلعة منصوب عليها المجانيق، وقد ملئت حرسًا شديدًا، ونائب السلطنة في غاية التحفّظ.

ولما أصبح يوم الخميس صمم تُوْمان تَمُر على ملك الأمراء في الرحيل إلى غزة ليتوافي هو وبقية من تقدمه من الجيش الشامي، ومَنْجك ومن معه هنالك، ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا، فأجابه إلى ذلك وأمر بتقدم السبق بين يديه في هذا اليوم، فخرج السبق وأغلقت القلعة بابها المسلوك الذي عند دار الحديث الأشرفية، فاستوحش الناس من ذلك، والله يحسن العاقبة.

خروج ملك الأمراء بَيْدَمُر من دمشقَ متوجهًا إلى غزة ليلحق بالعساكر هناك

صلى الجمعة بالمقصورة الثاني عشر من رمضان نائب السلطنة، هو ونائب طرابلس، ثم اجتمعا بالخطبة في مقصورة الخطابة، ثم راح لدار السعادة، ثم خرج طلبه في تجمُّل هائل على ما ذكر بعد العصر، وخرج معهم فاستعرضهم، ثم عاد إلى دار السعادة فبات إلى أن صلى الصبح، ثم ركب خلف الجيش هو ونائب طرابلس، وخرج عامة من بقي من الجيش من الأمراء وبقية الحلقة، وسلمهم الله، وكذلك خرج القضاة، وكذا كاتب السر ووكيل بيت المال وغيرهم من كتاب الدست، وأصبح الناس يوم السبت وليس أحد من الجند بدمشق، سوى نائب الغيبة الأمير سيف الدين بن حمزة التركماني، وقريبه والي البر، ومتولي البلد الأمير بدر الدين صدقة بن أوحد، ومحتسب البلد ونواب القضاة، والقلعة على حالها، والمجانيق منصوبة كما هي. ولما كان صبح يوم الأحد رجع القضاة بكرة ثم رجع ملك الأمراء في أثناء النهار هو وتُومان تمر، وهم كلهم في لبس وأسلحة تامة، وكل منهما خائف من الآخر أن يمسكه، فدخل هذا دار السعادة، وراح الآخر إلى القصر الأبلق.

ولما كان بعد العصر قدم مَنْجَك وأسمندر كانا نائبي السلطنة بدمشق، وهما مغلولان قد كسرهما من كان قدم على منجك من العساكر التي جهزها بَيْدَمُر إلى مَنْجَك قوة له على المصريين، وكان ذلك على يدي الأمير سيف الدين تَمُر حاجب الحجاب ويعرف بالمهمندار، قال لمَنْجَك: كلنا في خدمة من


(١) أمير معمر، ولي تقدمة ألف ثم أعطي طبلخاناه، مات سنة (٧٧٣) هـ الدرر الكامنة (٢/ ٤٥٤).
(٢) هو شهاب الدين.
(٣) في ط: "الأقصر"، ولا يوجد مثل هذا الموضع في مشارف الشام، ولعل ما أثبتناه هو الصواب، وهو موضع في مشارف الشام.

<<  <   >  >>