للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كائنة وبشارة للمسلمين في قتل طائفةٍ من الفرنج بجزيرة أَقْرِيْطش (١)

أخبر قاضيَ القضاةِ فتحُ الدّين بنُ الشَّهيد كاتبُ السرّ، وقرأتُ في كتاب مضمونَ ذلك؛ أن [رجلًا وَرَدَ] (٢) الإسكندرية يقال له: أحمد التَّازي (٣)، وهو ريِّس البحر، سُلّم إليه شِينيّان، وأُضيف إليه جماعةٌ من الغُزاة، فساروا إلى أن انتهَوْا إلى جزيرة قبرص، فلم يجدوا بها أحدًا من الجيش، فأحرقوا أربعة شواني، وأخذوا اثنين آخرين، ثم ضربَهُم الهواء إلى جزيرة أَقْرِيطش فلبسوا زِيَّ البنادقة، وحاصروا دَيْرًا هناك يقال له: دير بربها (٤) ففتحوه، وقتلوا من فيه فإذا هم خمسمئةٍ، وقيل: ستمئة، وقُطع من كلّ رأسٍ الأذنُ اليُمنى منه، وأرسل بها إلى السّلطان، وغنم من تلك الدَّير مالًا جزيلًا، من ذلك قنديلُ ذهبٍ، وصليبُ ذهبٍ، وأسر ثلاثين، وراهبين من عظمائهم، وكرَّ راجعًا سالمًا غانمًا، فلمّا انتهى إلى السلطان خلعَ عليه وأحسنَ إليه، وأطلقَ له جميع ما غنمه سوى القِنْديل والصَّليب، وأطلق له ستة شواني أُخرَ مشحونةً بالعُدَد، ولريِّسٍ آخرَ يقال له: مَيْمُون أربعةُ شواني أيضًا برسم غزو الفرنج.

شهر رمضان المعظم، أوله الخميس. استهلّ والأخبارُ عن الدّيار المصرية متواترة بكَثْرة الفناء بها، وأنّه يموتُ في كل يوم ما ينيف على الألف، فإنا لله وإنا إليه راجعون (٥).

وفي ليلة الإثنين خامسه جاءَ الخبرُ بأنّ مراكب كثيرةً، شواني وغيرها قد أقبلت من البحر قاصدةً ثغري صيدا وبيروتَ، فجرّد نائبُ السلطنة ثلاثةَ ألافِ فارسٍ مع الحاجب الكبير وزَبالة وتوكُّل، فبادروا سراعًا نحو الثّغور.

وأُفرجَ عن الأمير الكبير سيف الدُّنيا والدِّين بَيْدَمِر - الذي كان نائب السَّلطنة بدمشق - من التَّرسيم بالمدرسةِ الدِّماغية إلى منزله ليلة الأربعاء ثامنه بعد عشاء الآخرة والنّاسُ حولِه [يمشون] (٦).

وقدم على حِسْبة دمشقَ علاء الدِّين علي المِزِّي من الدّيار المصريّة في أوائل العشر الثاني منه.

وقرئ عليَّ ختمُ البُخاريِّ بدار السعادة بحضرةِ نائب السّلطنة مَنْجَك والقضاة، وخلقٍ من المقرئين وغيرهم في ليلة الإثنين الثاني عشر منه.


(١) هي جزيرة كبيرة فيها مدنٌ وقرىً. في البحر المتوسط. وهي ما يعرف اليوم بجزيرة كريت. انظر معجم البلدان ١/ ٢٣٦.
(٢) في الأصل: طمس قدر كلمتين.
(٣) نسبة إلى (تازة) مدينة في المغرب الأقصى.
(٤) هكذا في: الأصل، ولم أقع عليه.
(٥) انظر الذيل التام ١/ ٢٢٧. نقلًا عن ابن كثير.
(٦) في الأصل: طمس قدر كلمة.

<<  <   >  >>