للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كائنة غريبة للنصارى]

في يوم الخميس سادسه طلب جماعة من النصارى، من رؤسائهم ومن الرهبان والقساوسة والتبرك، واحتيط عليهم، ومُلئت بهم الحبوس، والتراسيم على بعضهم، وعُملت بخان الظاهر ثلاثون لعبة أو أزيد من ذلك ليصلبوا عليها، فلما أصبح الناس أمر بنحو ثلاثين منهم، فركّبوا على اللعب، وربطوا بالحبال، ثم جيء بالبترك وجماعة منهم مقيّدين بالسّلاسل، فأدخلوا إلى دار السعادة، وناصحوا بما فيه نصحٌ للمسلمين، فأمر بهم فأُطلقوا، وأُنزل أولئك من اللعب، وضربت رقبة واحد منهم، كان قد أسلم، ثمّ ارتدّ.

وفي يوم الأربعاء السادس والعشرين منه آخر النهار قدم الأمير حيّار من الديار المصرية، وقد ردّت إليه إمرة العرب، وأملاكه، وإقطاعات أقاربه، وقد لقي من يَلْبُغَا خيرًا كثيرًا.

وفي ليلة الخميس رابع عشره أو ثالث عشره كسف القمر، وصُلّي له في الجامع صلاة الكسوف، وكسفت الشمس في صبيحة يوم الجمعة الثامن والعشرين منه، وصَلّى الخطيب بالجامع الأموي وخطب.

شهر ذي الحجة، أوّله الأحد، في يوم عرفة صُلّي بعد الظهر على الشيخ شمس الدين محمد بن أبي عبد الله (١) رئيس المؤذّنين، عن خمسٍ وثمانين سنة.

وفي يوم العيد خطب بالمصلّى القاضي وليُّ الدين ابن قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء السُّبكي نيابة عن قاضي القضاة تاج الدين بسبب ضعف حصل له قبل ذلك، ثمّ عوفي منه، ولله الحمد.

وفي العشر الأوسط منه توفي شمس الدين محمود بن خلف (٢) أحد مشايخ الحديث، ومَنْ له سماعات كثيرة.

وفي يوم الجمعة العشرين منه حكم الشيخ شمس الدين محمد بن سند نيابة عن قاضي القضاة سريّ الدين المالكي، انتقل إلى مذهب الإمام مالك - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -.

وفي يوم الأربعاء الخامس والعشرين منه، دخلتُ إلى بين يدي ملك الأمراء منكلي بغا، وقرأتُ عليه ما كنتُ جمعته من سيرته وأيامه، فأعجبه ذلك جدًّا، وتصدّق بصدقات كثيرة، وآداب حسنة، ورئاسة وسيادة، وولّاني تصديرًا في الجامع الأموي - أحسن الله إليه في الدارين - (٣).


(١) لم أقع على ترجمة له. لعلّه ممن انفرد ابن كثير بذكره.
(٢) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة (٣/ ٣٨٧)، والدرر الكامنة (٤/ ٣٢٣)، والذيل التام (١/ ٢١٦).
(٣) ليست في أ و ب و ط، وهي في الأصل. من قوله: شهر ذي القعدة، أوّله السبت.

<<  <   >  >>