للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشر يومًا، وقد أوطأ بلاد فرير بالرعب، وأخذ من مقدميهم طائفة فأودعهم الحبس، وكان قد اشتهر أنه قصد العشران المواسين ببلاد عجلون، فسألته عن حين سلّمتُ عليه فأخبرني أنه لم يتعد ناحية فرير، [وأن العشران قد اصطلحوا واتفقوا، وأن التجريدة عندهم هناك. قال: وقد كبس الأعراب من حرم الترك، فهزمهم الترك وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، ثم ظهر للعرب كمين فلجأ الترك إلى وادي صرح فحصروهم هنالك، ثم ولت الأعراب فرارًا ولم يقتل من الترك أحد، وإنما جرح منهم أمير واحد فقط، وقتل من الأعراب فوق الخمسين نفسًا] (١).

وقدم الحجاج يوم الأحد الثاني والعشرين من المحرّم، ودخل المحمل السلطاني ليلة الإثنين بعد العشاء، ولم يحتفل لدخوله كما جرت به العادة، وذلك لشدة ما نال الركب في الرجعة من بريز إلى هنا من البرد الشديد، بحيث إنه قد قيل إنه مات منهم بسبب ذلك نحو المئة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولكن أخبروا برخص كثير وأمن، وبموت ثقبة (٢) أخي عَجْلان صاحب مكة، وقد استبشر بموته أهل تلك البلاد لبغيه على أخيه عجلان العادل فيهم انتهى والله أعلم.

منام غريب جدًّا

ورأيتُ في ليلة الإثنين الثاني والعشرين من المحرّم سنة ثلاث وستين وسبعمئة الشيخ محيي الدين النواوي (٣) ، فقلت له: يا سيدي الشيخ لم لا أدخلت في شرحك [المهذب] (٤) شيئًا من مصنفات ابن حزم (٥)؟ فقال ما معناه: إنه لا يحبه، فقلت له: أنت معذور فيه فإنه جمع بين طرفي النقيضين في أصوله وفروعه، أما هو في الفروع فظاهري جامد يابس، وفي الأصول مؤوّل تابع (٦) قرمط القرامطة وهرمس الهرامسة، ورفعت بها صوتي حتى سمعت وأنا نائم، ثم أشرت له إلى أرض خضراء تشبه النخيل بل هي أردأ شكلًا منه، لا ينتفع بها في استغلال ولا رعي، فقلت له: هذه أرض ابن حزم التي زرعها


(١) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل. واستدركته من ط.
(٢) في ط: نفسه والتصويب من الدرر الكامنة (١/ ٥٣١) وهو: ثقبة بن رميثة.
(٣) هو: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الدمشقي. مات سنة (٦٧٦) هـ فوات الوفيات (٤/ ٢٦٤).
(٤) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي إبراهيم بن علي. مات سنة (٤٧٦) هـ في الفقه الشافعي الفوات (١/ ٢٩) والأعلام (١/ ٥١).
قلت: شرحه النووي ووصل فيه إلى أبواب الرّبا، ولم يتمه، وقد ذكره ابن كثير لدى حديثه عن النووي إذ قال: إنه لو كمل لم يكن له نظير في بابه، فإنه أبدع فيه وأجاد، وأفاد وأحسن الانتقاد وحرّر الفقه في المذهب وغيره، والحديث على ما ينبغي، واللغة وأشياء مهمة لا أعرف في كتب الفقه أحسن منه. اهـ.
(٥) هو: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري مات سنة (٤٥٦) الفوات (٣/ ٣٢٥) هـ.
(٦) في ط، (تول مائع). وهو تحريف.

<<  <   >  >>