للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا اليوم حكم القضاة الأربعة بالتَّشريك في خطابة جامع يلبغا بين الشيخ شمس الدين الموصلّي الشافعي، وبين الحنفية (١)، فحصل الجمع بين المصالح.

وفاة الأمير شيخون (٢)، ورد الخبر من الديار المصرية بوفاته ليلة الجمعة السادس والعشرين منه، ودفن من الغد بتربته. وقد ابتنى مدرسة هائلة كما تقدّم، وجعل فيها المذاهب الأربعة، ودار حديث، وخانقاه للصوفية، وأوقف عليها شيئًا كثيرًا، وقرّر فيها معاليم كثيرة، وترك أموالًا جزيلة.

ومُسك بعد وفاته أمراء كثيرون بمصر، كانوا من أعوانه، من أشهرهم؛ عز الدّين طقطاي الدويدار، وابن قوصون، وهو ابن أخت السلطان زوجة شيخون المتوفّى .

شهر ذي الحجة، أوّله الثلاثاء تأخّر المطرفي هذه السنة عن إِيَّانِهِ، وتسلّق سعر الغلّة قليلًا، ولكنّ الأجلاب كثيرٌ ولله الحمد.

ودخل شهر كانوا الأول يوم الجمعة الثامن عشر من هذا الشهر، وهو يوم غدير خمّ الذي تعدّه جهلة الروافض عيدًا ببلاد الشرق، ولم يكن قد وقع من المطر الموسمي إلَّا مطرةٌ يسيرة (٣).

[ثم دخلت سنة تسع وخمسين وسبعمئة]

استهلَّت هذه السنة وسلطان الإسلام بالبلاد المصرية والشامية والحرمين الشريفين وما يتبع ذلك الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون بن عبد الله الصالحي، وقد قوي جانبُه وحاشيتُه بموت الأمير شيخون كما ذكرنا في سادس عشري ذي القعدة من السنة الماضية وقد صار إليه من ميراثه من زهرة الحياة الدنيا شيء كثير من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، وكذلك من المماليك والأسلحة والعُدّة والبِرَك والمتاجر ما يشق حصره ويتعذر إحصاؤه هاهنا. وليس في الديار المصرية فيما بلغنا إلى الآن نائب ولا وزير، والقضاة هم المذكورون في التي قبلها. وأمّا دمشقُ فنائبها وقضاتها هم المذكورون في التي قبلها سوى الحنفي فإنَّه قاضي القضاة شهاب الدين (٤) الكفري، عوضًا عن نجم الدين الطَّرَسُوسي (٥) توفِّي في شعبان من السنة الماضية، ونائبُ حلب


(١) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ١١٧. وذكر قاضي الحنفية، وهو الشيخ ناصر الدين ابن الرّبوة.
(٢) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ١٢٤ - ١٢٥، والدرر الكامنة ٢/ ١٩٦، وأعيان العصر ٢/ ٥٣١ - ٥٣٦. وفيه (شيخو). والذيل التام ١/ ١٥٦ - ١٥٧. وفيه: شيخو أيضًا.
(٣) هذا بعضه مضطرب في المطبوع وبعضه ليس في أ و ب و ط. وهو مستدرك من الأصل من قوله؛ شهر رمضان المعظّم، أوّله الجمعة.
(٤) في ط: شرف الدين وهو تحريف. وقد سبق ذكره عما قريب.
(٥) في ط: الطوسي وهو تحريف.

<<  <   >  >>