للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالثة، وقبل يد السلطان وركب عن يمينه، وخرج أهل البلد لتهنئته، [هذا والقلعة محصنة بيد بَيْدَمر، وقد دخلها ليلة الجمعة واحتمى بها، هو ومَنْجَك وأسَنْدَمر ومن معه من الأعوان بها، ولسان حال القدر يقول: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: ٧٨] (١).

ولما كان يوم الأحد طلب قضاة القضاة وأرسلوا إلى بَيْدَمُر وذويه بالقلعة ليصالحوه على شيء ميسور يشترطونه (٢)، وكان ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

سبب خروج بَيْدَمُر من القلعة وصفة ذلك

لما كان يوم الأحد الثامن والعشرين منه أرسل قضاة القضاة ومعهم الشيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي، والشيخ سراج الدين الهندي الحنفي قاضي العسكر المصري للحنفية، إلى نائب السلطنة بيدمر ومن معه، ليتكلّموا في الصلح لينزلوا على ما يشترطون قبل أن يشرعوا في الحصار بالرجال والمجانيق التي قد استدعي بها من صفد وبعلبك، وأحضر من رجال البقاع نحو من ستة آلاف رام، فلما اجتمع به القضاة ومن معهم وأخبروه عن السلطان وأعيان الأمراء بأنهم قد كتبوا له أمانًا إن أناب إلى المصالحة، فطلب أن يكون بأهله ببيت المقدس، وطلب أن يعطي مَنْجَك بلدًا بناحية بلاد سيس ليسترزق هنالك، وطلب أسَندَمر أن يكون بشمقدارًا للأمير سيف الدين يَلْبُغَا الخاصكي.

فرجع القضاة إلى السلطان الأمير زين الدين جبريل الحاجب، كان، فأخبروا السلطان والأمراء بذلك، فأجيبوا إليه، وخلع السلطان والأمراء على جبريل خلعًا، فرجع في خدمة القضاة ومعهم الأمير أسنبُغَا بن [بَكْتَمُر] (٣) البوبكري، فدخلوا القلعة وباتوا هنالك كلهم، وانتقل الأمير بَيْدَمر بأهله وأثاثه إلى داره بالمطرّزين، فلما أصبح يوم الإثنين التاسع والعشرين منه خرج الأمراء الثلاثة من القلعة ومعهم جبريل، فدخل القضاة وسلَّموا القلعة بما فيها من الحواصل إلى الأمير أَسَنْبُغَا بن البوبكري انتهى.

دخول السلطان المنصور محمد ابن الملك المظفر أمير حاجي ابن الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون إلى دمشق في جيشه وجنوده وأمرائه وأُبَّهته

لما كان صبيحة يوم الإثنين التاسع والعشرين من رمضان هذه السنة، رجع القضاة إلى الوطاق الشريف، وفي صحبتهم الأمراء الذين كانوا بالقلعة، وقد أعطوا الأمان من جهة السلطان ومن معهم وذويهم، فدخل القضاة، وحجب الأمراء المذكورون، فخلع على القضاة الأربعة وانصرفوا راجعين


(١) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، واستدركته من أ وب وط.
(٢) الذيل للحسيني ص (٣٤٢)
(٣) في ط: أستبغا الأبوبكري، وأثبتنا ما في الدرر الكامنة (١/ ٣٨٦) والنجوم الزاهرة (١١/ ٦) مات سنة (٧٧٧) هـ.

<<  <   >  >>