للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقَبلَ من الديار المصرية، وقد تلقّاه السلطان بالرّحب والإحسان، وقَبِلَ ما كان قد أهداه من التُّحف والألطاف، وأطلق له أضعافَ ذلك، وكذلك أهدى إليه جماعةُ الأمراء، ولمّا بلغ بلاد غزَّة اجتاز ببلدِ بدرأس (١) فوجد هناك واديًا لا يُسلكُ فيه زمن الشتاء إلا بكلفةٍ شديدةٍ، فأقام هناك لبناء جسرٍ عليه - أثابه الله تعالى.

قدوم نائب السّلطنة مَنْجَك من الديار المصريّة

فلمَّا كانَ يومُ الأحد العشرين من هذا الشهر قدم الأمير سيفُ الدين مَنْجَك نائبُ السّلطنة إلى دمشق في آخر النّهار في أبهة هائلةٍ، ثم أصبحَ فلبس التَّشْريف الهائل، وركب في الموكب [وأُوقدت] (٢) له الشموع، ودعا (٣) له الناس، وحين دخلَ دارَ السّعادة ظَهرَ (٤) أنَّه أوّلُ يوم من كانون الثاني؛ فتباشر النَّاسُ بذلك.

شهر جُمادى الآخرة، أوّله الأربعاءُ. في يوم الخميس تاسعه طافوا حوْلَ البلدِ بستَّةِ مسمَّرين على جمال، ممن اعترف بقتل النَّفْس التي حرَّم الله، وشُنِقَ آخر، وهو شريف كان قد اتَّفق هو وآخر من المسمَّرين على قتل امرأةٍ أحضراها عندَهُم على الشَّراب فأَسكراها، ثمّ قتلاها وأخَذَا ما كان عليها [من الجهاز في] (٥) بستان بأرض جوبر، فلمّا ظُهِرَ عَليهما اعترفا من غيرِ عقوبةٍ، وأحضرا ما كانا أخذا من مالها.

وأما الإثنان الآخران فإنهما استأجرتهما ابنة الشُّويخ على قتل زوجها، وهو من تجارِ الصَّاغة، يقال له: بَقْتَمِر، فقتلاه ليلًا، ولمّا أُخذا [أقرا] (٦) سريعًا.

وأما الآخران فغلام عشقَ جارية قوم فاتفقت معه على قتل سيِّدها وستِّها في بستان عند جسر ابن شواش، وأعانَهُما على ذلك عبد لهم أسود، فصلب معهم تأدبًا، وأمّا الباقون فوسِّطوا، وشُنق رفيقُ الشّريف.

هذا آخر ما كتبهُ الشيخ بخطِّه (٧). ومن هاهنا أملى عليّ، وأذِنَ لي في تعليقه!

أملى عليّ والدي الحافظ إسماعيل بن كثير - مد الله في أجله، وختم بالصالح عملهُ:


(١) هكذا في: الأصل، ولم أهتد إلى معرفتها.
(٢) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٣) في الأصل: (ودعَوْا). وهو غلط.
(٤) الأصل: بياض قدر كلمة.
(٥) في (٦) في الأصل: بياض قدر كلمة.
(٦) في الأصل: طمس قدر ثلاث كلمات.
(٧) انظر الذيل التام ١/ ٢٥٩ في أحداث سنة ٧٧٤ هـ. وفيه: وكان من حين ضرره وضُعفه - أي ابن كثير - يُملي فيه - أي في التاريخ - على ولده عبد الرحمن" اهـ.

<<  <   >  >>