للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمسير إلى بيروت، وبادر - أيّده الله - من يومه ذلك بالتوجُّه إلى بيروت، فنزلَ بسطح المزَّة، واستحضرَ العُدَدَ، واستحثَّ الجيش، وسبقهم بنفِسِه الكريمة إلى الجهاد والمرابطة، جزاه الله عن الإسلام خيرًا، وتَبِعَهُ رجالُ الحَلَقة والأمراء، وخرج فيمن خرجَ متطوعًا الأمير علي المارداني نائبُ الشام كان، واستمرَّ الجيش يتلاحق وراء ملك الأمراء بَيْدَمر، فلمّا كان في أثناء الطريق جاءَهُ الخبرُ بأنَّ مدينة طرابلس قد جاءَها خلقٌ من الفِرَنْج، وقد نفضوا إلى البرّ، وقد اتَّفقوا مع أهلها، فسارَ مسرعًا إليها بمن معه من العساكر - جزاه الله خيرًا - فكان ما سيأتي ذكره إن شاء الله.

وقعة مع الفِرَنْج بمدينة طرابلسَ، وكانت النُّصرةُ للمسلمين

لمّا كان يومُ السبت الثاني والعشرين من المحرّم سنةُ تسعٍ وستّين (١) وسبعمئة: أقبلت مراكبُ كثيرةٌ نحو مئة وخمسة وثلاثين شيني إلى مدينة طرابُلُس، وليس بها نائب ولا حاجب، فنزلوا من الغد إلى البر رجّالة وخيّالة، وهم في عَددٍ وعُددٍ وافرة، فقتلوا بعض العامّة، وبرزَ إليهم من فيها من الأترااك والجُنْد، وحضرَ من يُحاصِرُها من التراكمِينَ متراكمينَ والمتطوعةِ من كلّ مكان أفواجًا أفواجًا، وأفرادًا وأزواجًا. فاتّقعوا معهم فقتلوا وقُتِلوا، ودخلتِ الفرنجُ إلى مدينة طرابلسَ ليخلِّصُوا ابنَ [أخي] (٢) صاحبِ قُبْرص، فإنَّه كان مسجونًا، فقتله [المسلمون] (٣) ومن معه أجمعين، وبلغني أنّ بعضَ الفرنج صَعِدَ المنارة، وأحدَثَ هناك، ونَصَب سَنجقًا فيه صليبٌ، فلم يلبثوا فيها إلا ساعةً من النهار حتَّى تواخت (٤) عليهم العامة، فقتلوا منهم خلقًا، وخرجوا منها مذمومين مدحورين خاسئين خاسرين، وقد قُتل منهم جماعة آخرون في المعركة، فحُسِبَ مَنْ قُتل منهم داخل البلد وخارجه [فكان] (٥) أزيدَ من مئتين، وكانوا نحوًا من خمسةَ عشرَ ألفًا من الرَّجَّالة، ومن الخيّالة نحوًا من أربعين؛ ملوكًا (٦) وأمراءَ، ولم يُقتل من المسلمين إلَّا دونَ العشرة جندًا .

ودخلَ المحملُ وبقية الحجّاج يوم الإثنين الرابع والعشرين منه، وليس في البلد نائبٌ، وإنَّما معه أميرُ الرَّكب، ووالي البرّ، ووالي المدينة، وذكروا أنَّهم وقفوا الجُمُعة. وكان [من القادمين] (٧) مع الرّكبَ


(١) في الأصل: (ستٍّ). وهو غلط.
(٢) ما بين الحاصرتين ليس في: خ. واستدركته من ابن قاضي شهبة.
(٣) في الأصل: طمس قدر كلمه، واستدركته من ابن قاضي شهبة.
(٤) هكذا في الأصل. وتواخت: تظاهرت.
(٥) في الأصل: طمس قدر كلمة استدركته من تاريخ قاضي ابن شهبة.
(٦) في الأصل: (ملوك) وهو غلط.
(٧) في الأصل: طمس قدر كلمتين.

<<  <   >  >>